للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي أقصى غاية من الفظاعة والداهية الأمر الفظيع لا يهتدى الى الخلاص منه وَأَمَرُّ أشد مرارة وفي أقصى نهاية من المرارة وحاصله ان موقف القيامة اهول من موقف بدر وعذابها أشد وأعظم من عذابه لان عذاب الدنيا مثل الاسر والقتل والهزيمة ونحوها أنموذج من عذاب الآخرة كما ان نارها جزؤ من سبعين جزأ من نارها إِنَّ الْمُجْرِمِينَ اى المشركين من الأولين والآخرين فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ اى في هلاك ونيران مسعرة والتسعير آتش نيك افروختن وقيل في ضلال عن الحق في الدنيا ونيران في الآخرة يَوْمَ يُسْحَبُونَ منصوب اما بما يفهم من قوله في ضلال اى كائنون في ضلال وسعر يوم يجرون فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ واما بقوله مقدر بعده اى يوم يسحبون يقال لهم ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ سقر علم لجهنم ولذلك لم يصرف وقيل اسم لطبقتها الخامسة من سقرته النار إذا بوخته اي غيرته والمس كاللمس وهو ادراك بظاهر البشرة والمعنى قاسوا حرها وألمها فان مسها سبب للتألم بها فمس سقر مجاز عن ألمها بعلاقة السببية وفي القاموس ذوقوا مس سقر اى أول ما ينالكم منها كقولك وجد مس الحمى انتهى وعن النبي صلّى الله عليه وسلّم أول الناس يقضى فيه يوم القيامة رجل استشهد أتى به فعرفه نعمه فعرفها فقال ما عملت فيها قال قاتلت فى سبيلك حتى استشهدت قال كذبت انما أردت أن يقال فلان جريئ فقد قيل فأمربه فسحب على وجه حتى ألقى في النار وجل تعلم العلم وقرأ القرآن فأتى به فعرفه نعمه فعرفها فقال ما عملت فيها فقال تعلمت العلم وقرأت القرآن وعملت قال كذبت انما أردت فلان عالم وفلان قارئ فقد قيل فأمر به فسحب وجهه حتى ألقى في النار ورجل آتاه الله تعالى من انواع المال فأتى به فعرفه نعمة فعرفها فقال ما عملت فيها قال ما تركت من شيء يجب ان ينفق فيه لك قال كذبت انما أردت أن يقال فلان جواد فقد قيل فأمر به فسحب على وجهه حتى ألقى في النار وعن عطاء السلمى قال خرجت يوما مع أصحابي نستسقى فلقينى سعدون فقال يا عطاء هل خرجتم بقلوب سماوية او بقلوب ارضية قلت بل بقلوب سماوية فقال يا عطاء لا تتعوج فان الناقد بصير فخجلت منه فلما دعونا ولم نمطر قلت له ادع الله حتى يسقينا فرفع رأسه الى السماء فقال بسم الله الرحمن الرحيم ثم قال بحرمة ما كان بينى وبينك البارحة أن تسقينا فلم يفرغ من كلامه حتى مطرنا ثم بكى ورجع والكلام في تصحيح النية وتطهير القلب عن الغير والإخلاص لله تعالى ومن بقي في صفات نفسه واعرض عن الحق وأقبل على الدنيا وشهواتها فهو يجر في نار جهنم البعد والطرد ويذوق حر نار الهجران والخذلان إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ من الأشياء وهو منصوب بفعل يفسره ما بعده خَلَقْناهُ حال كون ذلك الشيء ملتبسا بِقَدَرٍ متعين اقتضته الحكمة التي عليها يدور امر التكوين فقدر بمعنى التقدير وهو تسوية صورته وشكله وصفاته الظاهرة والباطنة على مقدار مخصوص اقتضته الحكمة وترتبت عليه المنفعة المنوطة بخلفه او خلقناه مقدرا مكتوبا في اللوح قبل وقوعه لا يغير ولا يبدل (مصرع)

قضى الله امرا وجف القلم ... سر بر خط لوح ازلى دار وخموش

<<  <  ج: ص:  >  >>