والمستحبات على الوجه الذي أمره ان يقوم فيه فاذا كملت فرآئضه وكمالها فرض عليه فيتفرغ فيما بين الفرضين لنوافل الخيرات كانت ما كانت ولا يحقر شيأ من عمله فان الله ما احتقره حين خلقه وأوجبه فان الله ما كلفك بأمر إلا وله بذلك الأمر اعتناء وعناية حتى كلفك به وإذا واظب على أداء الفرائض فانه يتقرب الى الله بأخب الأمور المقربة اليه وورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى ما تقرب الى عبد بشيء أحب الى مما افترضته وما يزال العبد يتقرب الى بالنوافل حتى أحببته فاذا أحببته كنت سمعه الذي به يسمع وبصره الذي به يبصر ويده التي بها يبطش ورجله بها يمشى ولئن سألنى لأعطينه ولئن استعاذنى لأعيذنه وما ترددت عن شيء انا فاعله ترددى عن قبض نفس عبدى المؤمن يكره الموت وانا اكره مساءته فالقرب الاول هو قرب الفرائض والقرب الثاني هو قرب النوافل فانظر الى ما تنتجه محبة الله من كون الحق تعالى قوى العبد من السمع والبصر واليد والرجل فواظب على أداء ما يصح به وجود هذه المحبة الالهية من الفرائض والنوافل ولا يصح نفل الا بعد تكملة الفرائض وفي النفل عينه فروض ونوافل فيما فيه من الفروض تكمل الفرائض ورد في الخير الصحيح انه تعالى يقول انظروا فى صلاة عبدى أتمها أم نقصها فان كانت تامة كتبت له تامة وان كان انتقص منها شيء قال انظروا هل لعبدى من تطوع فان كان له تطوع قال الله تعالى اكملوا لعبدي فريضته من تطوعه ثم يؤخذ الأعمال على ذاكم وليست النوافل إلا ما لها اصل في الفرائض ومالا اصل له في فرض فذلك إنشاء عبادة مستقلة يسميها علماء الظاهر بدعة قال الله تعالى ورهبانية ابتدعوها وسماها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سنة حسنة والذي سنها له أجرها واجر من عمل بها الى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيء ولما لم يكن في قوة النفل أن يسد مسد الفرض جعل في نفس النفل فروض ليجبر الفرائض بالفرائض كصلاة النفل بحسب حكم الأصل ثم انها تشتمل على فرآئض من ذكر وركوع وسجود مع كونها في الأصل نافلة وهذه الأقوال والافعال فرآئض فيها ثم اعلم ان أمرنا بالاقتداء بالنبي سنة حسنة فان لنا أجرها وأجر من عمل بها وإذا تركنا تسنينها اتباعا لكون رسول الله عليه السلام لم يسنها فان أجرك فى اتباعك له في ترك التسنين أعظم من أجرك في التسنين فان النبي عليه السلام كان يكره كثرة التكليف على أمته ومن سن فقد كلف وكان النبي عليه السلام اولى بذلك ولكن تركه تخفيفا فلهذا قلنا الاتباع في الترك اولى وأعظم اجرا من التسنين فاجعل حالك كما ذكرنا لك ولقد روى عن الامام احمد بن حنبل رحمه الله انه ما أكل البطيخ فقيله له في ذلك فقال ما بلغني كيف كان رسول الله عليه السلام يأكله فلما لم تبلغ اليه الكيفية في ذلك تركه وبمثل هذا يقدم علماء هذه الامة على علماء سائر الأمم فهذا الامام علم وتحقق قوله تعالى عن نبيه عليه السلام فاتبعونى يحببكم الله وقوله لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة والاشتغال بما سن من فعل وقول وحال اكثر من أن نحيطه به ونحصيه فكيف ان نتفرغ لنسن فلا تكلف الامة اكثر مما ورد ما أُرِيدُ مِنْهُمْ اى من الجن والانس في وقت من الأوقات مِنْ رِزْقٍ لى ولا لانفسهم ولا لغيرهم يحصلونه بكسبهم وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ