وعن الحسن حين يؤمر بالعبد الى النار وقال ابن جريج حين يذبح الموت وينادى يا اهل الجنة خلود بلا موت ويا اهل النار خلود بلا موت يَوْمَئِذٍ اى يوم ينفخ فى الصور آمِنُونَ لا يعتريهم ذلك الفزع الهائل ولا يلحقهم ضرره أصلا واما الفزع الذي يعترى كل من فى السموات ومن فى الأرض غير من استثناه الله فانما هو التهيب والرعب الحاصل فى ابتداء النفخة من معاينة فنون الدواهي والأهوال ولا يكاد يخلو منه أحد بحكم الجبلة وان كان آمنا من لحوق الضرر وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ اى الشرك الذي وهو أسوأ المساوى فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ الكب إسقاط الشيء على وجهه اى القوا وطرحوا فيها على وجوههم منكوسين ويجوز ان يراد بالوجوه أنفسهم كما اريدت بالأيدي فى قوله (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) فان الوجه والرأس والرقبة واليد يعبر بها عن جميع البدن هَلْ تُجْزَوْنَ على الالتفات او على إضمار القول اى مقولا لهم ما تجزون إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ من الشرك وفى الحديث (إذا كان يوم القيامة جاء الايمان والشرك يجثوان بين يدى الرب تعالى فيقول الله تعالى للايمان انطلق أنت وأهلك الى الجنة ويقول للشرك انطلق أنت وأهلك الى النار) ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ) الى قوله (فِي النَّارِ) ويقال لا اله الا الله مفتاح الجنة ولا بد للمفتاح من أسنان حتى يفتح الباب ومن أسنانه لسان ذاكر طاهر من الكذب والغيبة وقلب خاشع طاهر من الحسد والخيانة وبطن طائر من الحرام والشبهة وجوارح مشغولة بالخدمة طاهرة من المعاصي وعن ابى عبد الله الجدلي قال دخلت على علىّ ابن ابى طالب رضى الله عنه فقال يا أبا عبد الله ألا أنبئك بالحسنة التي من جاء بها ادخله الله الجنة والسيئة التي من جاء بها كبه الله فى النار ولم يقبل معها عملا قلت بلى قال الحسنة حبنا والسيئة بغضنا اعلم ان الله تعالى هدى الخلق الى طلب الحسنات بقوله (رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) وهى استعمالهم فى احكام الشريعة على وفق آداب الطريقة بتربية ارباب الحقيقة وفى الآخرة حسنة وهى انتقاع من عالم الحقيقة انتفاعا ابديا سرمديا وهم لا يخزنهم الفزع الأكبر أصيبوا بفزع المحبة فى الدنيا فحوسبوا فى فزع العقبى به ومن جاء بحب الدنيا فكبت وجوههم فى نار القطيعة وقيل لهم (هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) يعنى بطلب الدنيا فانها مبنية على وجه جهنم ودركاتها فمن ركب فى طلبها وقع فى النار
اگر خواهى خلاص از نار فرقت ... مده دلرا بجز عشق ومحبت
إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها العبادة غاية التذلل والبلد المكان المحدود المتأثر باجتماع قطانه وإقامتهم فيه ولاعتبار الأثر قيل بجلده بلدة اى اثر والمراد بالبلدة هنا مكة المعظمة وتخصيصها بالاضافة تشريف لها وتعظيم لشأنها مثل ناقة الله وبيت الله ورجب شهر الله قال فى التكملة خص البلدة بالذكر وهى مكة وان كان رب البلاد كلها ليعرف المشركون نعمته عليهم ان الذي ينبغى لهم ان يعبدوه هو الذي حرم بلدتهم انتهى قوله الذي نعت لرب والتحريم جعل الشيء حراما اى ممنوعا منه والتعرض لتحريمه تعالى إياها إجلال لها بعد إجلال ومعناه يحرمها من انتهاك حرمتها بقطع شوكها وشجرها