فان قلت قوله عليه السلام (من كانت عنده مظلمة لاخيه من عرض او شىء فليستحلل منه اليوم قبل ان لا يكون دينار ولا درهم الا ان كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وان لم يكن له حسنات أخذ من سيآت صاحبه فحمل عليه) يدل على خلاف ذلك وكيف يجوز فى حكم الله وعدله ان يضع سيآت من اكتسبها على من لم يكتسبها وتؤخذ حسنات من عملها فتعطى من لم يعملها فالجواب على ما قال الامام القرطبي فى تذكرته ان هذا لمصلحة وحكمة لا نطلع عليها والله تعالى لم يبن امور الدين على عقول العباد ولو كان كل ما لا تدركه العقول مردودا لكان اكثر الشرائع مستحيلا على موضوع عقول العباد انتهى يقول الفقيران الذنب ذنبان ذنب لازم وذنب متعد. فالذنب اللازم كشرب الخمر مثلا يؤخذ به صاحبه دون غيره فهذا الذنب له جهة واحدة فقط. والذنب المتعدى كقتل النفس مثلا فهذا وان كان يؤخذ به صاحبه ايضا لكن له جهتان جهة التجاوز عن حد الشرع وجهة وقوع الجناية على العبد فحمل سيآته وطرح حسناته عليه حمل سيآت نفسه فى الحقيقة وما طرح حسنات غيره فى نفس الأمر ولا ظلمه أصلا فالآية والحديث متحدان فى المآل والله اعلم بحقيقة الحال والرابع كما ان الاختلاف واقع بين اهل الكفر والايمان كذلك بين اهل الإخلاص والرياء والشرع وان كان محكا يميز بين المحقق والمبطل الا ان انكشاف حقيقة الحال وظهور باطن الأقوال والافعال انما يكون يوم تبلى السرائر وتبدى الضمائر: وفى المثنوى
چون كند جان باز كونه پوستين ... جند واويلا بر آيد ز اهل دين
بردكان هر زرنما خندان شده است ... زانكه سنك امتحان پنهان شده است
قلب پهلو مى زند بازر بشب ... انتظار روز مى دارد ذهب
باز زبان حال زر كويد كه باش ... اى مزور تا بر آيد روز فاش
وفى الحديث (يخرج فى آخر الزمان أقوام يجتلبون الدنيا بالدين) يعنى يأخذونها ويلبسون لباس جلود الضأن من اللين (ألسنتهم احلى من السكر وقلوبهم قلوب الذئاب فيقول الله تعالى ابى تقترفون أم على تجترئون فبى حلفت لأبعثن على أولئك فتنة تدع الحليم فيها حيران) فعلى المؤمن ان يصحح الظاهر والباطن ويرفع الاختلاف فان الحق واحد فماذا بعد الحق الا الضلال. واما اختلاف الائمة فرحمة لعامة الناس وليس ذلك من قبيل الاختلاف بحسب المراء والجدال بل بحسب اختلاف الاشخاص والأحوال فالحق أحق ان يتبع عصمنا الله وإياكم من الاختلاف المفسد للدين والجدل المزيل لاصل اليقين وجعلنا من اهل التوفيق للصواب انه الكريم المفيض الوهاب وَهُوَ اى الله تعالى الَّذِي جَعَلَكُمْ ايها الناس خَلائِفَ الْأَرْضِ من بعد نبى الجان او خلائف الأمم السابقة الشرية او خلفاء الله فى ارضه تتصرفون فيها. والخلائف جمع الخليفة كالوصائف جمع الوصيفة وكل من جاء بعد من مضى فهو خليفته لانه يخلفه قال فى التأويلات النجمية هو جعل كل واحد من بنى آدم آدم وقته وخليفة ربه فى الأرض وسر الخلافة انه صوره على صورة صفات نفسه حيا قيوما سميعا بصيرا عالما قادرا متكلما مريدا