ولكن صار عاقبة أمرهم الى ذلك ابرز مدخولها فى معرض العلة لا لتقاطهم تشبيها له فى الترتب عليه بالغرض الحامل عليه وهو المحبة والتبني وتمامه فى فن البيان وجعل موسى نفس الحزن إيذانا لقوة سببيته لحزنهم قال الكاشفى (عَدُوًّا) [دشمنى مر مردانرا كه بسبب فرعون غرق شوند (وَحَزَناً) واندوهى بزرك مر زنانرا كه برده كيرند] إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ) فى كل ما يأتون وما يذرون فليس ببدع منهم ان قتلوا الوفا لاجله ثم أخذوه يربونه ليكبر ويفعل بهم ما كانوا يحذرون. والخطا مقصورا العدول عن الجهة والخاطئ من يأتى بالخطأ وهو يعلم انه خطأ وهو الخطأ التام المأخوذ به الإنسان يقال خطئ الرجل إذا ضل فى دينه وفعله والمخطئ من يأتى به وهو لا يعلم اى يريد ما يحسن فعله ولكن يقع منه بخلاف ما يريد يقال اخطأ الرجل فى كلامه وامره إذا زل وهفا- حكى- انهم لما فتحوا التابوت ورأوا موسى القى الله محبته فى قلوب القوم وعمدت ابنة فرعون الى ريقه فلطخت به برصها فبرئت من ساعتها
آمد طبيب درد بكلى علاج يافت
وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ هى آسية بنت مزاحم بن عبيد بن الريان بن الوليد الذي كان فرعون مصر فى زمن يوسف الصديق عليه السلام وقيل كانت من بنى إسرائيل من سبط موسى وقيل كانت عمته حكاه الشبلي وكانت من خيار النساء اى قالت لفرعون حين اخرج من التابوت قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ اى هو قرة عين لنا لانهما لما رأياه احباه وقال الكاشفى [اين كودك روشنى چشم است مر او ترا كه بسبب او دختر ما شفا يافت] وقد سبق معنى القرة مرارا وفى الحديث (انه قال لك لالى ولو قال لى كما هو لك لهداه الله كما هداها) لا تَقْتُلُوهُ خاطبته بلفظ الجمع تعظيما ليساعدها فيما تريده عَسى أَنْ يَنْفَعَنا [شايد كه سود برساند ما را كه امارت يمن وعلامت بركت در جبين او لايح است] وذلك لما رأت من برء البرصاء بريقه وارتضاعه إبهامه لبنا ونور بين عينيه ولم يره غيرها قال بعض الكبار وجوه الأنبياء والأولياء مرائى أنوار الذات والصفات ينتفع بتلك الأنوار المؤمن والكافر لان معها لذة حالية نقدية وان لم يعرفوا حقائقها فينبغى للعاشق ان يرى بعين اليقين والايمان أنوار الحق فى وجوه أصفيائه كما رأت آسية وقد قيل فى حقهم «من رآهم ذكر الله» أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً اى نتبناه فانه اهل له ولم يكن له ولد ذكر وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ حال من آل فرعون والتقدير فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا وقالت امرأته كيت وكيت وهم لا يشعرون بانهم على خطأ عظيم فيما صنعوا من الالتقاط ورجاء النفع منه والتبني له وقوله ان فرعون الآية اعتراض وقع بين المعطوفين لتأكيد خطأهم قال ابن عباس رضى الله عنهما لو ان عدو الله قال فى موسى كما قالت آسية عسى ان ينفعنا لنفعه الله ولكنه ابى للشقاء الذي كتبه الله عليه- روى- انه قالت الغواة من قوم فرعون ان نظن الا ان هذا هو الذي يحذر منه رمى فى البحر خوفا منك فاقتله فهم فرعون بقتله فقالت آسية انه ليس من أولاد بنى إسرائيل فقيل لها وما يدريك فقالت ان نساء بنى إسرائيل يشفقن على أولادهن ويكتمنهم مخافة ان تقتلهم فكيف