للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضى الله عنهما رؤية العمل وطلب الثواب به يبطل العمل ألا ترى الكليم لما قال للحضر لَوْ شِئْتَ الآية كيف فارقه وقال الجنيد قدس سره إذا وردت ظلمة الاطماع على القلوب حجبت النفوس عن نظرها فى بواطن الحكم يقول الفقير ان قلت كيف جوز موسى طلب الاجر بمقالة العمل الذي حصل بمجرد الاشارة وهو من طريق خرق العادة الذي لا مؤونة فيه قلت لم ينظر الى جانب الأسباب وانما نظر الى النفع العائد الى جانب اصحاب الجدار ألا ترى انه جور أخذ الاجر بمقالة الرقية بسورة الفاتحة ونحوها وهو ليس من قبيل طلب الاجرة على الدعوة فانه لا يجوز للنبى ان يطلب اجرا من قومه على دعوته وإرشاده كما أشير اليه فى مواضع كثيرة من القرآن قالَ الخضر هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ اى هذا الوقت وقت الفراق بيننا وهذا الاعتراض الثالث سبب الفراق الموعود بقوله فلا تصاحبنى واضافة الفراق الى البين اضافة المصدر الى الظرف اتساعا سَأُنَبِّئُكَ ساخبرك السين للتأكيد لعدم تراخى التنبئة بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً التأويل رجع الشيء الى مآله والمراد به هاهنا المآل والعاقبة إذ هو المنبأ به دون التأويل وهوخلاص السفينة من اليد العادية وخلاص أبوي الغلام من شره مع الفوز بالبدل الأحسن واستخراج اليتيمين للكنز قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (وددنا ان موسى كان صبر حتى يقص علينا من خبرهما) اى يبين الله لنا بالوحى وفى التأويلات النجمية ومن آداب الشيخ انه لو ابتلى المريد بنوع من الاعتراض او مما يوجب الفرقة يعفو عنه مرة او مرتين ويصفح ولا يفارقه فان عاد الى الثالثة فلا يصاحبه لانه قد بلغ من لدنه عذرا ويقول كما قال الخضر هذا فراق بينى وبينك. ومنها انه لو آل امر الصحبة الى المفارقة بالاختيار او بالاضطرار فلا يفارقه الا على النصيحة فينبئه عن سر ما كان عليه الاعتراض ويخبره عن حكمته التي لم يحط بها خبرا ويبين له تأويل ما لم يستطع عليه صبرا لئلا يبقى معه انكار فلا يفلح إذا ابدا انتهى يقول الفقير وهو المراد بقول بعض الكبار من قال لاستاذه لم لم يفلح قال ابو يزيد البسطامي قدس سره فى حق تلميذه لما خالفه دعوا من سقط من عين الله فرؤى بعد ذلك من المحنثين وسرق فقطعت يده هذا لما نكث العهد فاين هو ممن وفى بيعته مثل تلميذ ابى سليمان الداراني قدس سره قيل له الق نفسك فى التنور فالقى نفسه فيه فعاد عليه بردا وسلاما وهذه نتيجة الوفاء: وفى المثنوى

جرعه بر خاك وفا آنكس كه ريخت ... كى تواند صيد دولت زو كريخت «١»

جعلنا الله وإياكم من المتحققين بحقائق المواثيق والعهود أَمَّا السَّفِينَةُ التي خرقتها فَكانَتْ لِمَساكِينَ لضعفاء لا يقدرون على مدافعة الظلمة وكانوا عشرة اخوة خمسة منهم زمنى يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ بها مؤاجرة طلبا للكسب فاسناد العمل الى الكل بطريق التغليب أو لأن عمل الوكلاء بمنزلة عمل الموكلين اعلم ان الفقير فى الشريعة من له مال لا يبلغ نصابا قدر مائتى درهم او قيمتها فاضلا عن حاجته الاصلية سواء كان ناميا اولا والمسكين من لا شىء له من المال هذا هو الصحيح عند الحنفية والشافعية يعكسون قال القاضي فى الآية دليل ان المسكين يطلق على من يملك شيأ لم يكفه وحمل اللام على التمليك وقال مولانا سعدى انما يكون دليلا


(١) در أوائل دفتر پنجم در بيان تفسير آيه الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات

<<  <  ج: ص:  >  >>