فى القرآن والنبوة والتمادي فى الكفر وقالوا كيف يمكن ذلك والنار تحرق الشجر ولم يعلموا ان من قدر على خلق حيوان يعيش فى النار ويتلذذ بها اقدر على خلق الشجر فى النار وحفظه من الإحراق إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ اى تنبت فى قعر جهنم فمنبتها فى قعرها وأغصانها ترتفع الى دركاتها ولما كان اصل عنصرها النار لم تحرق بها كسائر الأشجار ألا ترى ان السمك لما تولد فى الماء لم يغرق بخلاف ما لم يتولد فيه ولعله رد على ابن الزبعرى وصناديد قريش وتجهيل لهم حيث قال ابن الزبعرى لهم ان محمدا يخوفنا بالزقوم والزقوم بلسان البربر الزبد والتمر فادخلهم ابو جهل بيته وقال يا جارية زقمينا فاتتهم بالزبد والتمر فقال استهزاء تزقموا فهذا ما توعدكم به محمد فقال تعالى (إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ) فليس الزقوم ما فهم هؤلاء الجهلة الضلال طَلْعُها اى حملها وثمرها الذي يحرج منها ويطلع مستعار من طلع النخلة لمشاركته له فى الشكل. والطلع شىء يخرج من النخل كأنه نعلان مطبقان والحمل بينهما منضود كَأَنَّهُ [كويا او] رُؤُسُ الشَّياطِينِ فى تناهى القبح والهول لان صورة الشيطان أقبح الصور وأكرهها فى طباع الناس وعقائدهم ومن ثمة إذا وصفوا شيأ بغاية القبح والكراهة قالوا كأنه شيطان وان لم يروه فتشبيه الطلع برؤس الشياطين تشبيه بالمخيل كتشبيه الفائق فى الحسن بالملك قال تعالى حكاية (ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) وفيه اشارة الى ان من كان هاهنا معلوماته فى قبح صفات الشياطين يكون هناك مكافاته فى قبح صورة الشياطين فَإِنَّهُمْ [پس دوزخيان] لَآكِلُونَ مِنْها اى من الشجرة ومن طلعها فالتأنيث مكتسب من المضاف اليه فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ لغلبة الجوع او للقسر على أكلها وان كرهوها ليكون ذلك نوعا آخر من العذاب وفيه اشارة الى انهم كانوا لها فى مزرعة الآخرة اعنى الدنيا زارعين فما حصدوا الا ما زرعوا. والمالئ اسم فاعل من ملأ الإناء ماء يملؤه فهو مالئ ومملوء. والبطون جمع بطن وهو خلاف الظهر فى كل شىء ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْها اى على الشجرة التي ملأوا منها بطونهم بعد ما شبعوا منها وغلبهم العطش وطال استسقاؤهم كما ينبىء عنه كلمة ثم فتكون للتراخى الزمانى ويجوز ان تكون للرتبى من حيث ان كراهة شرابهم وبشاعته لما كانت أشد وأقوى بالنسبة الى كراهة طعامهم كان شرابهم ابعد من طعامهم من حيث الرتبة فيكونون جامعين بين أكل الطعام الكريه البشيع وشرب شراب الاكره الابشع لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ الشوب الخلط والحميم الماء الحار الذي قد انتهى حره اى شرابا من دم او قيح اسود او صديد ممزوجا مشوبا بماء حار غاية الحرارة يقطع أمعاءهم ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ اى مصيرهم لَإِلَى الْجَحِيمِ اى الى دركاتها او الى نفسها فان الزقوم والحميم نزل يقدّم إليهم قبل دخولها وقيل الجحيم خارج عنها لقوله تعالى (هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) يذهب بهم عن مقارهم ومنازلهم من الجحيم الى شجره الزقوم فيأكلون منها الى يتملئوا ثم يسقون من الحميم ثم يردون الى الجحيم كما يرد الإبل عن موارد الماء ويؤيده قراءة ابن مسعود «ثم ان منقلبهم» وفى الحديث (يا ايها الناس اتقوا الله ولا تموتن الا وأنتم مسلمون فلو ان قطرة من الزقوم قطرت لامرّت