وهذا كله مما يضر بالمؤمن وقال الواسطي للعلم طغيان وهو التفاخر به وللمال طغيان وهو البخل وللعمل والعبادة طغيان وهو الرياء والسمعة وللنفس طغيان وهو اتباع شهواتها وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ اللام جواب قسم محذوف اى وبالله لقد أخذناهم اى اهل مكة بالعذاب الدنيوي وهو ما أصابهم يوم بدر من القتل والاسر وفى التأويلات النجمية اذقناهم مقدمات العذاب دون شدائده تنبيها لهم فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ فما وجدت منهم بعد ذلك استكانة ولا تضرع لربهم ومضوا على العتو والاستكبار والاستكانة الخضوع والذلة والتضرع اظهار الضراعة اى الضعف والذلة ووزن استكان استفعل من الكون لان الخاضع ينتقل من كون الى كون كما قيل استحال إذا انتقل من حال الى حال او افتعل من السكون أشبعت فتحة عينه وصيغة المضارع فى وما يتضرعون لرعاية الفواصل وفى الإرشاد هو اعتراض مقرر لمضمون ما قبله اى وليس من عادتهم التضرع اليه تعالى حَتَّى إِذا [تا چون] فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ذا عَذابٍ شَدِيدٍ هو عذاب الآخرة إِذا هُمْ [ناكاه ايشان] فِيهِ [دران عذاب] مُبْلِسُونَ متحيرون آيسون من كل خير أي محناهم بكل محنة من القتل والاسر والجوع وغير ذلك فما رؤى منهم انقياد للحق وتوجه الى الإسلام واما ما أظهره ابو سفيان فليس من الاستكانة له تعالى والتضرع اليه فى شىء وانما هو نوع قنوع الى ان يتم غرضه فحاله كما قيل إذا جاع ضغا وإذا شبع طغا وأكثرهم مستمرون على ذلك الى ان يروا عذاب الآخرة فحينئذ يبلسون كقوله تعالى (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ) وقوله تعالى (لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) قال عكرمة هو باب من أبواب جهنم عليه من الخزنة اربعمائة الف سود وجوههم كالحة أنيابهم قد قلعت الرحمة من قلوبهم إذا بلغوه فتحه الله عليهم نسأل الله العافية من ذلك قال وهب بن منبه كان يسرج فى بيت المقدس الف قنديل فكان يخرج من طور سيناء زيت مثل عنق البعير صاف يجرى حتى ينصب فى القناديل من غير ان تمسه الأيدي وكانت تنحدر نار من السماء بيضاء تسرج بها القناديل وكان القربان والسرج من ابني هارون شبر وشبير فامرا ان لا يسرجا بنار الدنيا فاستعجلا يوما فاسرجا بنار الدنيا فوقعت النار فاكلت ابني هارون فصرخ الصارخ الى موسى عليه السلام فجاء يدعو ويقول يا رب ان ابني هارون قد عملت مكانهما منى فاوحى الله اليه يا ابن عمران هكذا افعل باوليائى إذا عصونى فكيف باعدائى وخرج على سهل الصعلوكي من مستوقد حمام يهودى فى طمر اسود من دخانه فقال ألستم ترون الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر فقال سهل على البداهة إذا صرت الى عذاب الله كانت هذه جنتك وإذا صرت الى نعيم الله كانت هذه سجنى فتعجبوا من كلامه فعلم منه ان عذاب الآخرة ليس كعذاب الدنيا ومن عرف حقيقة الحال يقع فى خوف المآل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل (ما لى لم ار ميكائيل ضاحكا قط) قال ما ضحك ميكائيل منذ خلقت النار واعلم ان المجاهدات والرياضات عذاب للنفس والطبيعة لاذابة جوهرهما من حيث الهوى والشهوات وإرجاعهما الى الفطرة الاصلية لكن لا بد مع ذلك من التضرع والبكاء وتعفير الوجوه بالتراب لانه بالاعتماد على الكسب يصعب طريق الوصول وبالافتقار والذلة