الكهف (وَلا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَداً) وليس المراد سؤال الاستفهام بل التوبيخ. والمعنى فاستخبر يا محمد مشركى مكة توبيخا واسألهم سؤال محاجة أَهُمْ [آيا ايشان] أَشَدُّ خَلْقاً أقوى خلقة وامتن بنية او أصعب على الخالق خلقا او أشق إيجادا أَمْ مَنْ اى أم الذي خَلَقْنا من الملائكة والسماء والأرض وما بينهما والمشارق والكواكب والشهب الثواقب والشياطين المردة ومن لتغليب العقلاء على غيرهم إِنَّا خَلَقْناهُمْ اى خلقنا أصلهم وهو آدم وهم من نسله مِنْ طِينٍ لازِبٍ لاصق يلصق ويعلق باليد لارمل فيه قال فى المفردات اللازب الثابت الشديد الثبوت ويعبر باللازب عن الواجب فيقال ضربة لازب اه والباء بدل من الميم والأصل لازم مثل مكة وبكة كما فى كشف الاسرار والمراد اثبات المعاد ورد استحالتهم وتقريره ان استحالة المعاد اما لعدم قابلية المادة ومادتهم الاصلية هى الطين اللازب الحاصل من ضم الجزء المائى الى الجزء الأرضي وهما باقيان قابلان الانضمام بعد واما لعدم قدرة الفاعل وهو باطل فان من قدر على خلق هذه الأشياء العظيمة قادر على ما يعتد به بالاضافة إليها وهو خلق الإنسان وإعادته سيما ومن الطين اللازب بدأهم وقدرته ذاتية لا تتغير فهى بالنسبة الى جميع المخلوقات على السواء [پس هر كاه خورشيد قدرت از أفق أرادت طلوع نمايد ذرات مقدورات در هواى إبداع وفضاى اختراع بجلوه درآيند] قدس سره كاينك ز عدم سوى وجود آمده ايم قال الشيخ سعدى قدس سره
بامرش وجود از عدم نقش بست ... كه داند جز او كردن از نيست هست
دكر ره بكتم عدم در برد ... واز آنجا بصحراى محشر برد
وفى الآية اشارة الى انه تعالى أودع فى الطينة الانسانية خصوصية لزوب ولصوق يلصق بكل شىء صادقه فصادف قوما الدنيا فلصقوا بها وصادف قوما الآخرة فلصقوا بها وصادف قوما نفحات الطاف الحق فلصقوا بها فاذابتهم وجذبتهم عن انانيتهم بهويتها كما تذيب الشمس الثلج وتجذبه إليها فطوبى لعبد لم يتعلق بغير الله تعالى: قال الحافظ
غلام همت آنم كه زير چرخ كبود ... ز هر چهـ رنك تعلق پذيرد آزادست
بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ قال سعدى المفتى إضراب عن الأمر بالاستفتاء اى لا تستفتهم فانهم معاندون ومكابرون لا ينفع فيهم الاستفتاء وانظر الى تفاوت حالك وحالهم أنت تعجب من قدرة الله تعالى على خلق هذه الخلائق العظيمة ومن قدرته على الاعادة وانكارهم للبعث وهم يسخرون من تعجبك وتقريرك للبعث وقال قتادة عجب نبى الله من هذا القرآن حين انزل وضلال بنى آدم وذلك ان النبي عليه السلام كان يظن ان كل من يسمع القرآن يؤمن به فلما سمع المشركون القرآن فسخروا منه ولم يؤمنوا عجب من ذلك النبي عليه السلام فقال الله تعالى (بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ) والسخرية الاستهزاء والعجب والتعجب حالة تعرض للانسان عند الجهل بسبب الشيء ولهذا قال بعض الحكماء العجب ما لا يعرف سببه ولهذا قيل