ونعمه مع معرفته بكثرة إحسانه اليه وادعوا عليه بالقتل واللعن ونحو ذلك لاستحقاقه لذلك قال بعضهم لعن الله الكافر وعظم كفره حيث لم يعرف صانعه ولم يعرف نفسه التي لو عرفها عرف صانعها وقال ابن الشيخ هذا الدعاء وارد على اسلوب كلام العرب فهو ليس من قبيل دعاء من يعجز عن انتقام من يسوءه وكذا هذا التعجب ليس على حقيقته لانه تعالى منزه عن العجز والجهل بل المقصود بايراد ما هو فى صورة الدعاء الدلالة على سخطه العظيم والتنبيه على انه استحق اهول العقوبات وأشنعها وبايراد صيغة التعجب الذم البليغ له من حيث ارتكابه أقبح القبائح ولا شك ان السخط يجوز من الله وكذا الذم ويجوز أن يكون ما اكفره استفهاما بمعنى التقريع والتوبيخ اى اى شىء حمله على الكفر والمراد من الإنسان اما من استغنى عن القرآن المذكور نعوته واما الجنس باعتبار انتظامه له ولا مثاله من افراده لا باعتبار جمع افراده مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ اى من اى شىء حقير مهين خلقه يعنى نمى انديشد كه خداى تعالى از چهـ چيز بيافريد او را. ثم بينه بقوله مِنْ نُطْفَةٍ قذرة خَلَقَهُ فمن كان أصله مثل هذا الشيء الحقير كيف يليق به التكبر والتجبر والكفران بحق المنعم الذي كسا ذلك الحقير بمثل هذه الصورة البهية وقف السجاوندى على قوله من نطفة حتى وضع عليه علامة الوقف المطلق بتقدير خلقه آخر بدلالة ما قبله وجعل قوله خلقه فقدره جملة اخرى استئنافية لبيان كيفية الخلق وإتمامه من انعامه ومن جعله متعلقا بما بعده على ما هو الظاهر لم يقف عليه فَقَدَّرَهُ فهيأه لما يصلح له ويليق به من الأعضاء والاشكال اى أحدثه بمقدار معلوم من الأعضاء والاشكال والكمية والكيفية فجعله مستعدا لان ينتهى فيها الى القدر اللائق بمصلحته فلا يلزم عطف الشيء على نفسه وذلك ان خلق الشيء ايضا تقديره واحداثه بمقدار معلوم من الكمية والكيفية وبالفارسية پس اندازه او پديد كرد از اعضا وإشكال وهيئات در بطن ما در. او فقدره أطوار الى ان تم خلقه فالتقدير المنفرع على الخلق مأخوذ من القدر بمعنى الطور أي او جده على التقدير الاولى ثم جعله ذا أطوار من علقة ومضغة الى آخر أطواره ذكرا او أنثى شقيا او سعيدا قال بعضهم وعلى الوجهين فالفاء للتفصيل فان التقدير يتضمنه على المعنيين ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ منصوب بمضمر يفسره الظاهر اى سهل مخرجه من البطن بأن فتح فم الرحم وكان غير مفتوح قبل الولادة وألهمه ان ينتكس بأن ينقلب ويصير رجله من فوق ورأسه من تحت ولولا ذلك لا يمكثها ان تلد ويسر له سبيل الخير والشر فى الدين ومكنه من السلوك فيهما وذلك بالاقدار والتعريف له بما هو نافع وضار والعقل وبعثة الأنبياء وإنزال الكتب ونحو ذلك وتعريف السبيل باللام دون الاضافة بأن يقال سبيله للاشعار بعمومه لانه عام للانس والجن على المعنى الثاني وللحيوانات ايضا على المعنى الاول قال ابن عطاء رحمه الله يسر على من قدر له التوفيق طلب رشده واتباع نجاته وقال أبو بكر بن طاهر رحمه الله يسر على كل أحد ما خلقه له وقدره عليه ثُمَّ أَماتَهُ اى قبض روحه عند تمام اجله المقدر المسمى فَأَقْبَرَهُ اى جعله فى قبر يوارى فيه تكرمة له ولم يدعه مطروحا على وجه الأرض جزرا اى قطعا