همه عالم همى گويند هر آن ... كه يا رب عاقبت محمود گردان
قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ امر للرسول صلى الله عليه وسلم بان يخبر عن نفسه بالايمان بما ذكر وجمع الضمير فى آمنا لاظهار حلالة قدره صلى الله عليه وسلم ورفعة محله بامره بان يتكلم عن نفسه على ديدن الملوك وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا وهو القرآن والنزول كما يعدى بالى لانتهائه الى الرسل يعدى بعلى لانه من فوق وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ من الصحف. والأسباط جمع سبط وهو الحافد والمراد بهم حفدة يعقوب عليه السلام وابناؤه الاثنا عشر وذراريهم فانهم حفدة ابراهيم عليه السلام وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى من التوراة والإنجيل وسائر المعجزات الظاهرة بايديهما وتخصيصهما بالذكر لما ان الكلام مع اليهود والنصارى وَالنَّبِيُّونَ اى وما اوتى النبيون من المذكورين وغيرهم مِنْ رَبِّهِمْ من الكتب والمعجزات لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ كدأب اليهود والنصارى آمنوا ببعض وكفروا ببعض بل نؤمن بصحة كل منهم وبحقية ما انزل إليهم فى زمانهم. قال الامام فى تفسيره اختلف العلماء فى كيفية الايمان بالأنبياء المتقدمين الذين نسخت شرائعهم وحقيقة الخلاف ان شرعه لما صار منسوخا فهل تصير نبوته منسوخة فمن قال ان نبوته منسوخة قال نؤمن بانهم كانوا أنبياء ورسلا ولا نؤمن بانهم أنبياء ورسل فى الحال ومن قال ان نسخ الشريعة لا يقتضى نسخ النبوة قال نؤمن بانهم أنبياء ورسل فى الحال فتنبه لهذا الموضع وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ اى منقادون على ان يكون الإسلام بمعنى الاستسلام وهو الانقياد او مخلصون له تعالى أنفسنا لا نجعل له شريكا فيها على ان يكون من السلامة. وفيه تعريض بايمان اهل الكتاب فانه بمعزل عن ذلك وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ اى غير التوحيد والانقياد لحكم الله تعالى كدأب المشركين صريحا والمدعين للتوحيد مع اشراكهم كاهل الكتابين دِيناً ينتحل اليه وهو نصب على انه مفعول ليبتغ وغير الإسلام حال منه لانه فى الأصل صفة له فلما قدم انتصب حالا فَلَنْ يُقْبَلَ ذلك مِنْهُ ابدا بل يرد اشدرد واقبحه وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ اى الواقعين فى الخسران بحرمان الثواب وحصول العقاب ويدخل فيه ما يلحقه من التأسف والتحسر على مافاته فى الدنيا من العمل الصالح وعلى ما تحمله من التعب والمشقة فى الدنيا فى تقرير ذلك الدين الباطل. والمعنى ان المعرض عن الإسلام والطالب لغيره فاقد للنفع واقع فى الخسران بابطال الفطرة السليمة التي فطر الناس عليها. واعلم ان ظاهر الآية يدل على ان الايمان هو الإسلام إذ لو كان غير الإسلام لوجب ان لا يكون الايمان مقبولا لقوله تعالى وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ والجواب انه ينفى قبول كل دين يغايره لا قبول كل ما يغايره كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ الى الحق قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ قيل هم عشرة رهط ارتدوا بعد ما آمنوا ولحقوا بمكة وهو استبعاد لان يهدى قوما هم معاندون للحق مكابرون فيه غير خاضعين له بان يخلق فيهم الاهتداء ويوفقهم لاكتساب الاهتداء وانما يخلق الاهتداء ويوفق على كسب ذلك ويقدر هم عليه إذا كانوا خاضعين متواضعين للحق راغبين فيه فالمراد من الهداية خلق الاهتداء