للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشير الى فناء صاحب البيت وهو وجود الانسانية (فَلا تَدْخُلُوها) بتصرف الطبيعة الموجبة للوجود (حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ) بامر من الله بالتصرف فيها للاستقامة كما امر (وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا) اى الى ربكم (فَارْجِعُوا) ولا تتصرفوا فيها تصرف المطمئنين بها (هُوَ أَزْكى لَكُمْ) لئلا تقعوا فى فتنة من الفتن الانسانية وتكونوا مع الله بالله بلا أنتم (وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ) من الرجوع الى الله وترك تعلقات البيوت الجسدانية (عَلِيمٌ) انه خير لكم لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ قال فى المفردات جنحت السفينة اى مالت الى أحد جانبيها سمى الإثم المائل بالإنسان عن الحق جناحا ثم سمى كل اثم جناحا أَنْ تَدْخُلُوا اى بغير استئذان بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ اى غير موضوعة لسكنى طائفة مخصوصة فقط بل لينتفع بها من يضطر إليها كائنا من كان من غير ان يتخذها سكنا كالربط والخانات والحوانيت والحمامات ونحوها فانها معدة لمصالح الناس كافة كما ينبى عنه قوله تعالى فِيها مَتاعٌ لَكُمْ فانه صفة للبيوت اى حق تمتع لكم وانتفاع كالاستكنان من الحر والبرد وإيواء الامتعة والرحال والشراء والبيع والاغتسال وغير ذلك مما يليق بحال البيوت وداخلها فلا بأس بدخولها بغير استئذان من قوام الرباطات والخانات واصحاب الحوانيت ومتصرفى الحمامات ونحوهم وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ تظهرون وَما تَكْتُمُونَ تستترون وعيد لمن يدخل مدخلا من هذه المداخل لفساد او اطلاع على عورات قال فى نصاب الاحتساب رجل له شجرة فرصاد قد باع أغصانها فاذا ارتقاها المشترى يطلع على عورات الجار قال يرفع الجار الى القاضي حتى يمنعه من ذلك قال الصدر الشهيد فى واقعات المختار ان المشترى يخبرهم وقت الارتقاء مرة او مرتين حتى يستروا أنفسهم لان هذا جمع بين الحقين وان لم يفعل الى ان يرفع الجار الى القاضي فان رأى القاضي المنع كان له ذلك. ولو فتح كوّة فى جداره حتى وقع نظره فيها الى نساء جاره يمنع من ذلك وفى البستان لا يجوز لاحد ان ينظر فى بيت غيره بغير اذنه فان فعل فقد أساء واثم فى فعله فان نظر ففقأ صاحب البيت عينه اختلفوا فيه قيل لا شىء عليه وقيل عليه الضمان وبه نأخذ وكان عمر رضى الله عنه يعس ليلة مع ابن مسعود رضى الله عنه فاطلع من خلل باب فاذا شيخ بين يديه شراب وقينة تغنيه فتسورا فقال عمر رضى الله عنه ما صح لشيخ مثلك ان يكون على مثل هذه الحالة فقام اليه الرجل فقال يا امير المؤمنين أنشدك بالله ألا ما أنصفتني حتى أتكلم قال قل قال ان كنت عصيت الله فى واحدة فقد عصيت أنت فى ثلاث قال ما هن قال تجسست وقد نهاك الله فقال (وَلا تَجَسَّسُوا) وتسورت وقد قال الله (لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها) الى (وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها) ودخلت بغير اذن وقد قال الله (لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلى أَهْلِها) فقال عمر صدقت فهل أنت غافر لى فقال غفر الله لك فخرج عمر يبكى ويقول ويل لعمر ان لم يغفر الله له فان قلت دل هذا على ان المحتسب لا يدخل بيتا بلا اذن وقد صح انه يجوز له الدخول فى بيت من يظهر البدع بلا اذن قلت هذا فيما اظهر وذلك فيما أخفى وفى التأويلات النجمية فى الآية اشارة الى جواز تصرف السالك الواصل فى بيت الجسد الذي هو غير مسكون لصاحبه وهو الانسانية لفنائها عن وجودها بافناء الحق تعالى فيها متاع لكم اى الآلات والأدوات التي تحتاجون إليها عند السير فى عالم الله ولتحصيلها بعثت الأرواح

<<  <  ج: ص:  >  >>