فالكفر اذاهم الى العذاب فان كل نتيجة مبنية على المقدمات والأسباب. والقمح لا ينبت من الزوان ولا يثمر الثمر أم غيلان قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ البدء بالفارسية [ابتدا كردن] اى يخلق الخلق اولا ثم يعيده بعد الموت ولما كانوا مقرين بالبدء ومنكرين للاعادة عنادا ومكابرة امر صلى الله تعالى عليه وسلم بان يبين لهم من يفعل ذلك فقيل له قُلِ اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ اى هو يفعلهما لا غير كائنا من كان فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ اى كيف تصرفون وتقلبون عن قصد السبيل والاستفهام إنكاري قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي غيره إِلَى الْحَقِّ ولو كانت الهداية بوجه من الوجوه فان ادنى مراتب العبودية هداية المعبود لعبدته الى ما فيه صلاح أمرهم وهدى كما يستعمل بكلمة الى لتدل على انتهاء ما قبلها الى مدخولها كذلك يستعمل باللام التعليلية لتدل على ان الهداية لا تتوجه نحو ما دخل عليه اللام الا لاجل ان تؤدى اليه ويترتب هو عليها كما هو شأن العلة والمعلل بها وقد جمع بين التعديتين فى هذه الآية قُلِ اللَّهُ يَهْدِي من يشاء لِلْحَقِّ دون غيره بنصب الادلة وإرسال الرسل وإنزال الكتب والتوفيق للنظر الصحيح والتدبر الصائب فان العقول مضطربة والافكار مختلطة وتعيين الحق صعب ولا يسلم من الغلط الا الأقل من القليل فالاهتداء لادراك الحقائق لا يكون الا باعانة الله وهدايته وإرشاده أَفَمَنْ يَهْدِي غيره إِلَى الْحَقِّ هو الله تعالى أَحَقُّ أَنْ اى بان يُتَّبَعَ والمفضل عليه محذوف اى ممن لا يهدى أَمَّنْ لا يَهِدِّي بكسر الهاء وتشديد الدال أصله لا يهتدى وادغم وكسر الهاء لالتقاء الساكنين اى لا يهتدى فى حال من الأحوال إِلَّا أَنْ يُهْدى الا حال هدايته تعالى له الى الاهتداء فان قلت الأصنام جمادات لا تقبل الهداية فكيف يصح ان يقال فى حقها الا ان يهدى وايضا كلمة من تستعمل فى ذوى العقول دون الجمادات فلا يليق ان يقال فى حقها أم من لا يهدى قلت هذا اى انتفاء الاهتداء الا ان يهدى حال اشراف شركائهم كالملائكة والمسيح وعزير عليهم السلام فهذا بيان لفساد مذهب من يتخذ العقلاء الذين يقبلون الهداية أربابا بعد ما بين فساد مذهب مطلق اهل الشرك من عبدة الأوثان وغيرها بقوله قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ الآية فانه لا شك ان المراد بالشركاء فيه ما يتناول الأصنام وغيرها وقال فى التبيان الصنم لا ينفع ولا يضر ولا يقدر على شىء فى نفسه الا ان يهدى يعنى يدخل ويخرج وينقل ويتصرف فيه والله تعالى جل عن ذلك وظاهر هذا الكلام يدل على ان الأصنام ان هديت اهتدت وليس كذلك لانها حجارة لا تهتدى الا انهم لما اتخذوها آلهة عبر عنها كما يعبر عمن يعقل ويفعل فَما لَكُمْ اى أي شىء لكم فى اتخاذكم هؤلاء شركاء لله تعالى كَيْفَ تَحْكُمُونَ بما يقضى صريح العقل ببطلانه وهو انكار لحكمهم الباطل حيث سوّوا بين من يحتاجون هم اليه وهو الله تعالى وبين من يحتاج هو إليهم وهو ما عبدوه من دون الله من الأصنام ولا مساواة بين القادر والعاجز جدا
عجز وقدرت كه هر دو ضدانند ... عقل كركويدت كه يكسانند
عجز بر خلق مى دراند پوست ... قادرى بر كمال حضرت اوست