عليه الجملة اى معنى قوله انها لاحدى الكبر أي كبرت مندرة وحذف التاء مع ان فعيلا بمعنى فاعل يفرق فيه بين المذكر والمؤنث لكون ضمير انها فى تأويل العذاب او لكون النذير بمعنى ذات إنذار على معنى النسب كقولهم امرأة ظاهر اى ذات طهارة لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ بدل من للبشر باعادة الجار وان يتقدم مفعول شاء ومنكم حال من من اى نذيرا لمن شاء منكم ان يسبق الى الخير والجنة والطاعة فيهديه الله او لم يشأ ذلك ويتأخر بالمعصية فيضله وفيه اشارة الى ان لكسب العبد دخلا فى حصول المرحومية والمحرومية وفى التأويلات النجمية اقسم بنور قمر الشريعة الزهراء وبظلمة ليل الطبيعة الظلماء وبصبح الحقيقة البيضاء حين غلبت على غلس الطبيعة ان الجبود مظاهر احدى هذه المراتب الكلية الكبرى اما اهل الشريعة واما اهل الحقيقة واما اهل الطبيعة وقوله نذيرا للبشر اى جعلنا الحصر فى المراتب الثلاث الكلية ليتنبه الإنسان ويحترز أن يكون من اهل الانذار لمن شاء منكم ان يتقدم الى مقام الشريعة او يتأخر الى مقام الطبيعة ولما كان مقام الحقيقة أعلى المراتب ولم يصل اليه الا النذر من الكمل اعرض عن ذكره انتهى ويجوز أن يكون اهل الحقيقة داخلا فى ان يتقدم لانه واهل الشريعة كل منهما من المتقدمين وان كان بينهما فرق فى التقدم وتفاوت فى السير والمسارعة والحاصل الا اهل ان ستعداد تقدموا باكتساب الفضائل والخيرات والكمالات الى مقام القلب والروح والسر واما غيرهم فتأخروا بالميل الى البدن وشهواته ولذاته فوقعوا فى ورطة الطبيعة كُلُّ نَفْسٍ من نفوس الانس والجن المكلفين بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ مرهونة عند الله بكسبها محبوسة ثابتة وفى بعض التفاسير بسبب ما كسبت من الأعمال السيئة من رهن الشيء اى دام وثبت وارهنته اى تركته مقيما عنده وثابتا والرهن ما وضع عندك لينوب مناب ما أخذ منك والمرتهن هو الذي يأخذ المرهون ونفس المكلف محبوسة ثابتة عند الله بما أوجبه عليه من التكاليف التي هى حق خالص له تعالى فان أداها المكلف كما وجبت عليه فك رقبته وخلص نفسه والا بقيت نفسه مرهونة محبوسة عنده وقال بعضهم الرهينة اسم بمعنى الرهن كالشتيمة بمعنى الشتم على ان تكون التاء للنقل من الوصفية الى الاسمية وفى فتح الرحمن للمبالغة او على تأنيث اللفظ لا على معنى الإنسان ونحوه وليس اى الرهينة صفة والا لقيل رهين لان فعيلا بمعنى مفعول لا تدخله التاء بل يستوى فيه المذكر والمؤنث الا ان يحمل على ما هو بمعنى الفاعل فانه يؤتى فى مؤنثه بالتاء كما فى عكسه فى قوله تعالى ان رحمة الله قريب من المحسنين قال الراغب قيل فى قوله كل نفس بما كسبت رهينة انه فعيل بمعنى فاعل اى ثابتة مقيمة وقيل بمعنى مفعول اى كل نفس مقامة فى جزاء ما قدم من عملها ولما كان الرهن يتصور من حبسه استعير ذلك للمحتبس اى شىء كان إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ استثناء متصل من كل نفس لكثرتها فى المعنى واصحاب اليمين اهل الأعمال الصالحة من المؤمنين اى فانهم فاكون رقابهم بما أحسنوا من أعمالهم كما يفك الراهن رهنه بأداء الدين قال القاشاني كل نفس بمكسوبها رهن عند الله لا فكاك لها لاستيلاء هيئات أعمالها وآثار افعالها عليها ولزومها إياها وعدم انفكاكها