للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأْتُوا أنتم ايضا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ فى البلاغة وحسن النظم قال هنا بعشر وفى يونس والبقرة بسورة لان نزول هذه السورة الكريمة مقدم عليهما لانهم تحدوا اولا بالإتيان بعشر فلما عجزوا تحدوا بسورة واحدة. وقوله مثله نعت لسور اى أمثال وتوحيده باعتبار كل واحد وقال سعدى المفتى ولا يبعد ان يقال انه صفة للمضاف المقدر فان المراد بقدر عشر سور مثله والله اعلم مُفْتَرَياتٍ صفة اخرى لسور. والمعنى فائتوا بعشر سور ممائلة له فى البلاغة مختلقات من عند أنفسكم ان صح انى اختلقته من عند نفسى فانكم فصحاه مثلى تقدرون على ما اقدر عليه بل أنتم اقدر لتعلمكم القصص والاشعار وتعودكم النثر والنظم وفى الآية دلالة قاطعة على ان الله تعالى لا يشبهه شىء فى صفة الكلام وهو القرآن كما لا يشبهه بحسب ذاته وَادْعُوا للاستظهار فى المعارضة مَنِ اسْتَطَعْتُمْ دعاءه والاستعانة به من آلهتكم التي تزعمون انها ممدة لكم ومدارهكم التي تلجأون الى آرائهم فى الملمات ليسعدوكم فيها مِنْ دُونِ اللَّهِ اى حال كونكم متجاوزين الله تعالى إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فى انى افتريته فان ما افترى انسان يقدر انسان آخر ان يفترى مثله فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ الضمير فى لكم للرسول عليه السلام وجمع للتعظيم اوله وللمؤمنين لانهم اتباع له عليه السلام فى الأمر بالتحدي وفيه تنبيه لطيف على ان حقهم ان لا ينفكوا عنه ويناصبوا معه لمعارضة المعاندين كما كانوا يفعلونه فى الجهاد قال سعدى المفتى اختلف فى تناول خطاب النبي عليه السلام لامته فقال الشافعية لا وقال الحنفية والحنابلة نعم الا ما دل الدليل فيه على الفرق انتهى. والمعنى فان لم يستجب هؤلاء المشركون لكم يا محمد ويا اصحاب محمد عليه السلام اى ما دعوتموهم اليه من معارضة القرآن وإتيان عشر سور مثله وتبيين عجزهم عنه بعد الاستعانة بمن استطاعوا بالاستعانة منه من دون الله تعالى فَاعْلَمُوا أَنَّما أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ ما فى انما كافة وضمير انزل يرجع الى ما يوحى وبعلم الله حال اى ملتبسا بما لا يعلمه الا الله تعالى من المزايا والخواص والكيفيات وقال الكاشفى [يعنى ملتبس بعلمي كه خاصه اوست وآن علمست بمصالح عباد وآنچهـ ايشانرا بكار آيد در معاش ودر معاد] وقال فى التأويلات النجمية بِعِلْمِ اللَّهِ لا بعلم الخلق فان فيه الاخبار عما سيأتى وهو بعد فى الغيب ولا يعلم الغيب الا الله انتهى والمراد الدوام والثبات على العلم اى فدوموا ايها المؤمنون واثبتوا على العلم الذي أنتم عليه لتزدادوا يقينا وثبات قدم على انه منزل من عند الله وانه من جملة المعجزات الدالة على صدقه عليه السلام فى دعوى الرسالة وَأَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ اى ودوموا على هذا العلم ايضا يعنى هو ينزل الوحى وليس أحد ينزل الوحى غيره لانه الا له ولا اله غيره فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ثابتون على الإسلام راسخون فيه اى فاثبتوا عليه فى زيادة الإخلاص وفى الآيات امور. منها ان الوحى على ثلاثة انواع نوع امر عليه السلام بكتمانه إذ لا يقدر على حمله غيره ونوع خير فيه ونوع امر بتبليغه الى العام والخاص من الانس والجن وهو ما يتعلق بمصالح العباد من معاشهم ومعادهم فلا يجوز تركه وان ترتب عليه مضرة وضاق به الصدر وسبيل تبليغ الرسالة هو اللسان فلا رخصة فى الترك وان خاف قال صاحب التيسير فهذا دليل قولنا فى المكره على الطلاق والعتاق ان تكلم به نفذ لان تعلق ذلك باللسان

<<  <  ج: ص:  >  >>