قوله (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) بصفات جليلة لا تتيسر الا للخواص فاين السياس من منازل السلاطين مُفَتَّحَةً اى حال كون تلك الجنات مفتحة لَهُمُ الْأَبْوابُ منها والأبواب مفعول مفتحة اى إذا وصلوا إليها وجدوها مفتوحة الأبواب لا يحتاجون الى فتح بمعاناة ولا يلحقهم ذل الحجاب ولا كلفة الاستئذان تستقبلهم الملائكة بالتبجيل والترحيب والإكرام يقولون سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار وقيل هذا مثل كما تقول متى جئتنى وجدت بابى مفتوحا لا تمنع من الدخول فان قيل ما فائدة العدول عن الفتح الى التفتيح قلنا المبالغة وليست لكثرة الأبواب بل لعظمها كما ورد من المبالغة فى وسعها وكثرة الداخلين ويحتمل ان يكون للاشارة الى ان اسباب فتحها عظيمة شديدة لان الجنة قد حفت بالمكاره على وجه لما رآها جبرائيل عليه السلام مع عظمة نعيمها قال يا رب أنى هذه لا يدخلها أحد مُتَّكِئِينَ فِيها حال من لهم اى حال كونهم جالسين فيها جلسة المتنعمين للراحة ولا شك ان الاتكاء على الأرائك دليل التنعم ثم استأنف لبيان حالهم فى الجنات فقال يَدْعُونَ فِيها [مى خوانند دران بهشتها] بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ اى بألوان الفاكهة وهى ما يؤكل للذة لا للغذاء. والاقتصار على دعاء الفاكهة للايذان بان مطاعمهم لمحض التفكه والتلذذ دون التغذي فانه لتحصيل بدل المتحلل ولا تحلل فيها وَشَرابٍ اى ويدعون فيها ايضا بشراب وقيل تقديره وشراب كثير فحذف اكتفاء بالأول اى يدعون بشراب كثير بمعنى ألوانه يقال نطق القرآن بعشرة اشربة فى الجنة منها الخمر الجارية من العيون وفى الأنهار ومنها العسل واللبن وغيرهما ولا شك ان الأذواق المعنوية فى الدنيا متنوعة ومقتضاه تنوع التجليات الواقعة فى الجنة سواء كانت تجليات شرابية او غيرها وَعِنْدَهُمْ اى عند المتقين قاصِراتُ الطَّرْفِ اى زوجات قصرن طرفهن اى نظرهن على أزواجهن لا ينظرن الى غيرهم: يعنى [زنانى كه از غير شوهر چشم باز كيرند] قال فى كشف الاسرار هذا كقولهم فلانة عند فلان اى زوجته أَتْرابٌ جمع ترب بالكسرة وهى اللدة اى من ولد معك والهاء فى اللدة عوض عن الواو الذاهبة من اوله لانه من الولادة. والمعنى لدات اقران ينشأن معا تشبيها فى التساوي والتماثل بالترائب التي هى ضلوع الصدر ولوقوعهن على الأرض معا اى يمسهن التراب فى وقت واحد قال فى كشف الاسرار لدات مستويات فى السن لا عجوز فيهن ولا صبية وقال بعضهم لدات لازواجهن اى هن فى سن أزواجهن: يعنى [تمام زنان بهشت در سن متساوى ازواج باشند مجموع سى وسه سال] لا أصغر ولا اكبر. وفيه ان رغبة الرجل فيمن هى دونه فى السن أتم وانه كان التحاب بين الاقران ارسخ فلا يكون كونهن لدات لازواجهن صفة مدح فى حقهن [وبعضى برانند كه مراد از اتراب آنست كه همه زنان متساوى باشند در حسن يعنى هيچ يك را بر ديكرى فضلى نبود دران تا طبع بفاضله كشد واز مفضوله منصرف كردد] وفى الخبر الصحيح (يدخل اهل الجنة الجنة جردا مردا مكحلين أبناء ثلاث وثلاثين سنة لكل رجل منهم زوجتان على كل زوجة سبعون حلة يرى مخ ساقها من ورائها) هذا اى تقول لهم الملائكة هذا المعد من الثواب والنعيم ما تُوعَدُونَ