للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوى دواعيه الى الكفر. والحرج بالفتح مصدر وصف به مبالغة وبالكسر اسم الفاعل وهو المتزايد فى الضيق فهو أخص من الاول فكل حرج ضيق من غير عكس قيل الحرج موضع الشجر الملتف يعنى ان قلب الكافر لا يصل اليه الايمان كما لا تصل الراعية الى الموضع الذي التف فيه الشجر كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ قال الامام فى كيفية هذا التشبيه وجهان الاول كما ان الإنسان إذا كلف الصعود الى السماء نقل ذلك التكليف عليه وعظم وقعه عليه وقويت نفرته منه فكذلك الكافر يثقل عليه الايمان وتعظم نفرته منه. والثاني ان يكون التقدير ان قلبه يتباعد عن الإسلام ويتباعد عن قبول الايمان فشبه ذلك البعد ببعد من يصعد من الأرض الى السماء انتهى كما قال الكاشفى فى تفسيره الفارسي [كويى بالا ميرود در آسمان يعنى ميكريزد از قبول حق ميخواهد كه بآسمان رود] واعلم ان القلوب متفاوتة. فمنهما ما يشق عليه الايمان وهى قلوب الكفرة. ومنها ما يشق عليه الذوق والوجدان وهى قلوب اهل النقصان من اهل الايمان فان بعض الناس منهم من يتباعد عن الكلمات العرفانية بل ينكر احوال اصحاب الفضائل النفسانية وهذا لان من انهمك فى الصفات الحيوانية وحكم عليه الصفات السبعية والشيطانية لا يسوغ له الشرب من المشارب الروحانية ولذا يوصى بكتم ما يتعلق بالاسرار عن الأغيار

چرا صدف نكند چاك سينه را صائب ... درين زمانه كه جوهر شناس نايابست

كَذلِكَ اى مثل الجعل المذكور يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ اى العذاب والخذلان او اللعنة او الشيطان اى يسلطه عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اى عليهم فوضع الظاهر موضع المضمر للاشعار بان جعله تعالى معلل بما فى حيز الصلة من كمال نبوهم عن الايمان وإصرارهم على الكفر والطغيان وَهذا اى البيان الذي جاء به القرآن صِراطُ رَبِّكَ اى طريقه الذي ارتضاه حال كونه مُسْتَقِيماً لمن يسلكه فلا يعوج به حتى يورده الى الجنة قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ اى ذكرناها فصلا فصلا بحيث لا يختلط واحد منها بالآخر لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ اى يتعظون وخصوا بالذكر لانهم المنتفعون بتفصيل الآيات لَهُمْ كأن سائلا يسأل عما أعد الله تعالى للمتذكرين بما فى تضاعيف الآيات فقيل لهم دارُ السَّلامِ اى السلامة من كل المكاره وهى الجنة عِنْدَ رَبِّهِمْ حال من دار السلام اى نزله وضيافته كما تقول نحن اليوم عند فلان اى فى كرامته وضيافته. وقيل العندية كناية عن وعدها والتكفل بها وَهُوَ وَلِيُّهُمْ اى مولهم ومحبهم او ناصرهم على أعدائهم بِما كانُوا يَعْمَلُونَ اى بسبب الأعمال الصالحة واعلم ان الله تعالى بين حسن الايمان وقبح الكفر وحال السعيد والشقي ورغب فى طريق الأنبياء والأولياء وجعل العمل الصالح وهو ما أريد به وجه الله سببا لمحبة الله ودخول دار السلام وهى دار القرار التي يأمن من دخلها من العذاب مطلقا فالله تعالى ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات الى النور- روى- ان عمر بن الخطاب جهز جيشا الى فتح بعض حصون ديار العجم اربعة آلاف فارس وامر عليهم ابنه عبد الله رضى الله عنهما قال فسرنا حتى حاصرنا قلعة على جبل عال لا يصل اليه أسلحتنا فحاصرناها وكان فيها جيش

<<  <  ج: ص:  >  >>