فلظهور جورهم وعدم اتصافهم بالعدل منعوا عن اطلاق العادل عليهم إذ إطلاقه عليهم حينئذ انما يكون لمجرد المدح لهم والثناء عليهم فيكون كذبا وكفرا فجواز اطلاق العادل على الكافر المنصف وعدم جواز إطلاقه على المسلمين الجائرين ليس بالنظر الى متانة العدل بل ذاك ليس الا ان العدل والجور متناقضان فلا يجتمعان. قال فى زهرة الرياض إذا كان يوم القيامة ينصب لواء الصدق لابى بكر رضى الله عنه وكل صديق يكون تحت لوائه. ولواء العدل لعمر رضى الله عنه وكل عادل يكون تحت لوائه. ولواء السخاوة لعثمان رضى الله عنه وكل سخى يكون تحت لوائه. ولواء الشهداء لعلى رضى الله عنه وكل شهيد يكون تحت لوائه وكل فقيه تحت لواء معاذ بن جبل. وكل زاهد تحت لواء ابى ذر. وكل فقير تحت لواء ابى الدرداء. وكل مقرئ تحت لواء ابى بن كعب. وكل مؤذن تحت لواء بلال. وكل مقتول ظلما تحت لواء الحسين بن على فذلك قوله تعالى يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ الآية.
والعدل فى الحقيقة هو الوسط المحمود فى كل فعل وقول وخلق وهو المأمور به فى قوله تعالى فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ ولقد صار من نال اليه كالكبريت الأحمر والمسك الأذفر ومن الله الهداية والتوفيق آمين يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ متعلق بنعمة الله إِذْ هَمَّ قَوْمٌ ظرف لنفس النعمة اى اذكروا انعامه عليكم فى وقت همهم وقصدهم أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ اى بان يبطشوا بكم بالقتل والإهلاك يقال بسط اليه يده إذا بطش به وبسط اليه لسانه إذا شتمه فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ عطف على هم وهو النعمة التي أريد تذكيرها وذكر الهم إيذان بوقوعها عند مزيد الحاجة إليها والفاء للتعقيب المفيد لتمام النعمة وكمالها اى منع أيديهم ان يمدوا إليكم عقيب همهم بذلك لا انه كفها عنكم بعد ما مدوها إليكم. وفيه من الدلالة على كمال النعمة من حيث انها لم تكن مشوبة بضرر الخوف والانزعاج الذي فلما يعرى عنه الكف بعد المد ما لا يخفى مكانه وذلك ما روى ان المشركين رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بعسفان فى غزوة ذى انمار وغزوة ذات الرقاع وهى السابعة من مغازيه عليه السلام قاموا الى الظهر معا فلما صلوا ندم المشركون على ان لا كانوا قد أكبوا عليهم فقالوا ان لهم بعدها صلاة هى أحب إليهم من آبائهم وأبنائهم يعنون صلاة العصر وهموا ان يوقعوا بهم إذا قاموا إليها فردهم الله تعالى بكيدهم بان انزل صلاة الخوف. وقيل هو ما روى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اتى بنى قريظة ومعه الشيخان وعلى رضى الله عنهم يستقرضهم لدية مسلمين قتلهما عمرو بن امية الضمري خطأ يحسبهما مشركين فقالوا أنعم يا أبا القاسم اجلس حتى نطعمك ونعطيك ما سألت فاجلسوه فى صفة وهموا بقتله وعمد عمرو بن جحاش الى رحى عظيمة يطرحها عليه فامسك الله تعالى يده ونزل جبريل فاخبر فخرج النبي عليه السلام. وقيل هو ما روى انه صلى الله عليه وسلم نزل منزلا وتفرق أصحابه فى الفضى يستظلون بها فعلق رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه بشجرة فجاء أعرابي فاخذه وسله فقال من يمنعك منى فقال عليه السلام (الله) فاسقطه جبريل عليه السلام من يده فاخذه الرسول عليه السلام فقال (من يمنعك منى) فقال لا أحد اشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا رسول الله وَاتَّقُوا اللَّهَ عطف على اذكروا اى اتقوه فى رعاية