او حال فانه مفعول أبغي والهمزة فيه للانكار والمنكر هو كون المبغى غيره تعالى وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ اى والحال انه تعالى خصكم بنعم لم يعطها غيركم وهى الآيات القاهرة والمعجزات الباهرة وانما لم يحصل مثلها لاحد من العالمين قال الحدادي على عالمى زمانكم من القبط وغيرهم بعد ما كنتم مستعبدين أذلاء وفيه تنبيه على سوء معاملتهم حيث قابلوا تخصيص الله إياهم من بين أمثالهم بما لم يستحقوه تفضلا بان قصدوا الى اخس شىء من مخلوقاته تعالى فجعلوه شريكا له تعالى: قال الحافظ
همايى چون تو عالى قدر حرص استخوان تا كى ... دريغ آن سايه دولت كه بر نا اهل افكندى
فتبا لمن لا يعرف قدره ويعلق همته بما لا ينبغى له
خلق را نيست سيرت پدران ... همه بر سيرت زمانه روند
ثم ذكر نعمة الانجاء وما يتبعه فقال تعالى وَإِذْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ اى واذكروا يا بنى إسرائيل صنيعة الله معكم فى وقت انجائكم وتخليصكم من أيدي آل فرعون باهلاكهم بالكلية ثم استأنف ببيان ما أنجاهم منه فقال يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ اى يبغونكم أشد العذاب وأفظعه من سام السلعة إذا طلبها ثم أبدل منه وبين فقال يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ اى يذبحونهم وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ اى يستبقونهن للاستخدام وَفِي ذلِكُمْ اى الانجاء او سوء العذاب بَلاءٌ اى نعمة او محنة فان البلاء يطلق على كل واحد منهما قال تعالى وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ مِنْ رَبِّكُمْ من مالك أموركم فان النعمة والنقمة كلتيهما منه سبحانه وتعالى عَظِيمٌ لا يقادر قدره. تقدم الكلام على الانجاء وفضيلة عاشوراء فى سورة البقرة فليطلب ثمة والاشارة ان بنى إسرائيل صفات القلب كانت معذبة فى مصر القالب وصفاتها فلما خلصها الله تعالى من بحر الدنيا وفرعون النفس فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ اى وصلوا الى صفات الروح يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ من المعاني المعقولة والمعارف الروحانية فاستحسنوها وأرادوا العكوف على عتبة عالم الأرواح قالُوا الموسى الوارد الرباني الذي جاوز بهم بحر الدنيا يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ يشير الى انه لولا ان فضل الله ورحمته على العبد يثبته على قدم العبودية وصدق الطلب الى ان يبلغه الى المقصد الأعلى لكان العبد يركن الى كل شىء من حسائس الدنيا فضلا عن نفائس العقبى كقوله تعالى لسيد البشر عليه السلام وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا قالَ لهم موسى الوارد الرباني عند ركونهم الى الروحانية إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ قدر الله وعنايته معكم إِنَّ هؤُلاءِ يعنى صفات الروح مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ من الركون والعكوف على استجلاء المعاني المعقولة والمعارف الروحانية وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ فى غير طلب الحق والوصول الى المعارف الربانية قالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً اى أنزلكم منزلا غير الوصال وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ من الحيوانات والجن والملك تفضيل العبور من الجسمانيات والروحانيات والوصول الى المعارف والحقائق الآلهيات وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يعنى من النفس وصفاتها يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ اى سوء عذاب البعد يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ اى يبطلون أعمالكم الصالحة التي هى متولدات من صفات القلب بآفة الرياء