منهم وَهُمْ يَعْلَمُونَ اى يحرفونه والحال انهم يعلمون انهم كاذبون مفترون وَإِذا لَقُوا اى اليهود الَّذِينَ آمَنُوا من اصحاب النبي عليه السلام قالُوا اى منافقوهم آمَنَّا كايمانكم وان محمدا هو الرسول المبشر به وَإِذا خَلا مضى ورجع بَعْضُهُمْ الذين لم ينافقوا اى إذا فرغوا من الاشتغال بالمؤمنين متوجهين ومنضمين إِلى بَعْضٍ اى الى الذين نافقوا بحيث لم يبق معهم غيرهم قالُوا اى الساكتون عاتبين لمنافقيهم على ما صنعوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ تخبرونهم والاستفهام بمعنى النهى اى لا تحدثوهم يعنون المؤمنين بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ اى بينه الله لكم خاصة في التوراة من نعت النبي عليه السلام والتعبير عنه بالفتح للايذان بانه سر مكنون وباب مغلق لا يقف عليه أحد لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ اللام متعلقة بالتحديث دون الفتح والضمير في به لما فتح الله اى ليحتجوا عليكم به فيقطعوكم بالحجة ويبكتوكم عِنْدَ رَبِّكُمْ اى في حكمه وكتابه كما يقال هو عند الله كذا اى في كتابه وشرعه والمحدثون به وان لم يحوموا حول ذلك الغرض وهو المحاجة لكن فعلهم ذلك لما كان مستتبعا له البتة جعلوا فاعلين للغرض المذكور إظهارا لكمال سخافة عقلهم وركاكة آرائهم أَفَلا تَعْقِلُونَ متصل بكلامهم من التوبيخ والعتاب اى ألا تلاحظون فلا تعقلون هذا الخطأ الفاحش وهو ان ذلك حجة لهم عليكم فالمنكر عدم التعقل ابتداء او أتفعلون ذلك فلا تعقلون بطلانه مع وضوحه حتى تحتاجون الى التنبيه عليه فالمنكر حينئذ عدم التعقل بعد الفعل أَوَلا يَعْلَمُونَ الهمزة للانكار والتوبيخ والواو للعطف على مقدر ينساق اليه الذهن والضمير للموبخين اى أيلومونهم على التحديث مخافة المحاجة ولا يعلمون أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ اى جميع ما يسرونه وما يعلنونه ومن ذلك أسرارهم الكفر واعلانهم الايمان فحينئذ يظهر الله للمؤمنين ما أرادوا إخفاءه بواسطة الوحى الى النبي عليه السلام فتحصل المحاجة والتبكيت كما وقع في آية الرجم وتحريم بعض المحرمات عليهم فأى فائدة في اللوم والعتاب وَمِنْهُمْ اى من اليهود أُمِّيُّونَ لا يحسنون الكتب ولا يقدرون على القراءة والأمي منسوب الى امة العرب وهي الامة الخالية عن العلم والقراءة فاستعير لمن لا يعرف الكتابة والقراءة لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ اى لا يعرفون التوراة ليطالعوها ويتحققوا ما فيها من دلائل النبوة فيؤمنوا إِلَّا أَمانِيَّ جمع امنية من التمني والاستثناء منقطع لانها ليست من جنس الكتب اى لكن الشهوات الباطلة ثابتة عندهم وهي المفتريات من تغيير صفة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وانهم لا يعذبون في النار الا أياما معدودة وان آباءهم الأنبياء يشفعون لهم وان الله لا يؤاخذهم بخطاياهم ويرحمهم ولا حجة لهم في صحة ذلك وَإِنْ هُمْ اى ما هم إِلَّا يَظُنُّونَ ظنا من غير تيقن بها اى ما هم الا قوم قصارى أمرهم الظن والتقليد من غيران يصلوا الى مرتبة العلم فانى يرجى منهم الايمان المؤسس على قواعد اليقين فَوَيْلٌ كلمة يقولها كل واقع فيه لكة بمعنى الدعاء على النفس بالعذاب اى عقوبة عظيمة وهو مبتدأ خبره ما بعده قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الويل واد في جهنم يهوى فيه الكافر أربعين خريفا قبل ان يبلغ قعره) وقال سعيد بن المسيب رضى الله تعالى عنه انه واد في جهنم لو سيرت فيه جبال الدنيا لماعت من شدة حره اى ذابت لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ المحرف