بِأَيْدِيهِمْ تأكيد لدفع توهم المجاز فقد يقول انسان كتبت الى فلان إذا امر غيره ان يكتب عنه اليه ثُمَّ يَقُولُونَ لعوامهم هذا اى المحرف مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فى التوراة روى ان أحبار اليهود خافوا ذهاب مآكلهم وزوال رياستهم حين قدم النبي عليه السلام المدينة فاحناوا في تعويق أسافل اليهود عن الايمان فعمدوا الى صفة النبي عليه السلام في التوراة وكانت هى فيها حسن الوجه جعد الشعر اكحل العين ربعة اى متوسط القامة فغيروها وكتبوا مكانه طوال ازرق سبط الشعر وهو خلاف الجعد فاذا سألهم سفلتهم عن ذلك قرأوا عليهم ما كتبوا فيجدونه مخالفا لصفته عليه السلام فيكذبونه لِيَشْتَرُوا بِهِ اى يأخذوا لانفسهم بمقابلة المحرف ثَمَناً هو ما أخذوه من الرشى بمقابلة ما فعلوا من التحريف والتأويل الزائغ وانما عبر عن المشترى الذي هو المقصود بالذات في عقد المعاوضة بالثمن الذي هو وسيلة فيه إيذانا بتعكيسهم حيث جعلوا المقصود بالذات وسيلة والوسيلة مقصودة بالذات قَلِيلًا لا يعبأ به انما وصفه
بالقلة اما لفنائه وعدم ثوابه واما لكونه حراما لان الحرام لا بركة فيه ولا يربو عند الله كذا في تفسير القرطبي فَوَيْلٌ لَهُمْ اى العقوبة العظيمة ثابتة لهم مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ من أجل كتابتهم إياه وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ من أخذهم الرشوة وعملهم المعاصي واصل الكسب الفعل لجر نفع او دفع ضر ولهذا لا يوصف به سبحانه وفي الآيات إشارات الاولى ان علم الرجل ويقينه ومعرفته ومكالمته مع الله لا يفيده الايمان الحقيقي الا ان يتداركه الله بفضله ورحمته قال الله تعالى وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وان الله تعالى كلم إبليس وخاطبه بقوله يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ وما أفاده الايمان الحقيقي إذا لم يكن مؤيدا من الله بفضله ورحمته ولم يبق على الايمان بعد العيان فكيف يؤمن بالبرهان: قال في المثنوى
جز عنايت كه كشايد چشم را ... جز محبت كه نشاند خشم را
جهد بى توفيق خود كس را مباد ... در جهان والله اعلم بالسداد
جهد فرعونى چوبي توفيق بود ... هر چهـ او مى دوخت آن تفتيق بود
والثانية ان العالم المعاند والعامي المقلد سواء في الضلال لان العالم عليه ان يعمل بعلمه وعلى العامي ان لا يرضى بالتقليد والظن وهو متمكن من العلم وان الدين ليس بالتمني فالذين ركنوا الى التقليد المحض واغتروا بظنون فاسدة وتخمينات مبهمة فهم الذين لا نصيب لهم من كتبهم الا قراءتها دون معرفة معانيها وادراك اسرارها وحقائقها وهذا حال اكثر اهل زماننا من مدعى الإسلام فالمدعى والمتمنى عاقبتهما خسران وضلال وحسرة وندامة ووبال: وفي المثنوى
تشنه را گر ذوق آيد از سراب ... چون رسد در وى گريزد جويد آب
مفلسان گر خوش شوند از زر قلب ... ليك ان رسوا شود در دار ضرب
والثالثة ان من بدل أو غير أو ابتدع في دين الله ما ليس منه فهو داخل في الوعيد المذكور وقد حذر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أمته لما علم ما يكون في آخر الزمان فقال (ألا ان من قبلكم