اى لاخلصنا العبادة لله ولما خالفنا كما خالفوا فَكَفَرُوا بِهِ الفاء فصيحة اى فجاءهم ذكر أي ذكر سيد الاذكار وكتاب مهيمن على سائر الكتب والاسفار وهو القرآن فكفروا به وأنكروه وقالوا فى حقه وفى حق من انزل عليه ما قولوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ اى عاقبة كفرهم وغائلته من المغلوبية فى الدنيا والعذاب العظيم فى العقبى وهو وعيد لهم وتهديد وفيه اشارة الى تنزل الإنسان الى الدرك الأسفل والى ان مآل الدعوى بلا تطبيق للصورة بالمعنى خزى وقهر وجلال عصمنا الله الملك الكريم المتعال قال بعضهم وكان الملامية الذين هم أكابر القوم لا يصلون مع الفرائض الا ما لا بد منه من مؤكدات النوافل خوفا ان يقوم بهم دعوى انهم أتوا بالفرائض على وجه الكمال الممكن وزادوا على ذلك فانه لا نفل الا عن كمال فرض ونعم ما فهموا ولكن ثم ما هو أعلى وهو ان يكثروا من النوافل توطئة لمحبة الله لهم ثم يرون ذلك جبرا لبعض ما فى فرائضهم من النقص وفى الحديث (حسنوا نوافلكم فبها تكمل فرائضكم) وفى المرفوع (النافلة هدية المؤمن الى ربه فليحسن أحدكم هديته وليطيبها) ولكون الهدية سببا للمحبة قال عليه السلام (تهادوا تحابوا) واعلم ان القرآن ذكر جليل انزل تذكيرا للناس وطردا للوسواس الخناس فانه كلما ذكر الإنسان خنس الشيطان اى تأخر والقرآن وان كان كله ذكرا لكن ما كل آي القرآن يتضمن ذكر الله فان فيه حكاية الاحكام المشروعة وفيه قصص الفراعنة وحكايات أقوالهم وكفرهم وان كان فى ذلك الاجر العظيم من حيث هو قرآن بالاصغاء الى القارئ إذا قرأه من نفسه وغيره فذكر الله إذا سمع فى القرآن أتم من استماع قول الكافرين فى الله ما لا ينبغى فالاول من قبيل استماع القول الأحسن والثاني من استماع القول الحسن فاعرف ذلك. ويستحب لقارىء القرآن فى المصحف ان يجهر بقراءته ويضع يده على الآية يتتبعها فيأخذ اللسان حظه من الرفع ويأخذ البصر حظه من النظر واليد حظها من المس وكان كبار السلف يقرأون على سبيل التأنى والتدبر للوقوف على أسراره وحقائقه كما حكى ان الشيخ العطار قدس سره كان يختم فى اوائله فى كل يوم ختمة وفى كل ليلة ختمة ثم لما آل الأمر الى الشهود وأخذ الفيض من الله ذى الجود بقي فى السبع الاول من القرآن اكثر من عشرين سنة ومن الله العناية والهداية وَلَقَدْ سَبَقَتْ اى وبالله لقد تقدمت فى الأزل او كتبت فى اللوح المحفوظ ثم ان السبق والتقدم الموقوف على الزمان انما هو بالنسبة الى الإنسان والا فالامر بالاضافة الى الله كائن على ما كان كَلِمَتُنا وعدنا على ما لنا من العظمة لِعِبادِنَا الذين أخلصوا لنا العبادة فى كل حركة وسكون الْمُرْسَلِينَ الذين زدناهم على شرف الإخلاص فى العبودية شرف الرسالة ثم فسر ذلك الوعد بطريق الاستئناف فقال إِنَّهُمْ لَهُمُ خاصة الْمَنْصُورُونَ فمن نصرناه فلا يغلب كما ان من خذلناه لا يغلب ثم عمم فقال إِنَّ جُنْدَنا
اى من المرسلين واتباعهم المؤمنين والجند العسكرهُمُ
اى لا غيرهمْ غالِبُونَ
على أعدائهم فى الدنيا والآخرة وان رؤى انهم مغلبون فى بعض المشاهد لان العاقبة لهم والحكم للغالب والنادر كالمعدوم والمغلوبية لعارض كمخالفة امر الحاكم