جواسيس العيوب وقد احسن من قال الأخ الصالح خير لك من نفسك لان النفس امارة بالسوء والأخ لا يأمرك الا بخير وقيل الدنيا بأسرها لا تسع منباغضين وشبر بشبر يسع المتحابين كما قال الحكماء ده درويش در كليمى بخسبند ودو پادشاه در اقليمى نكنجند واعلم ان المواخاة امر مسنون من لدن النبي عليه السلام فانه آخى بين المهاجرين والأنصار يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ السخرية ان يحقر الإنسان أخاه ويستخفه ويسقطه عن درجته ويعده ممن لا يلتفت اليه اى لا يستهزئ قَوْمٌ اى منكم وهو اسم جمع لرجل مِنْ قَوْمٍ آخرين ايضا منكم والتنكير اما للتعميم او للتبعيض والقصد الى نهى بعضهم عن سخرية بعض لما انها مما يجرى بين بعض وبعض فان قلت المنهي عنه هو ان يسخر جماعة من جماعة فيلزم ان لا يحرم سخرية واحد من واحد قلت اختيار الجمع ليس للاحتراز عن سخرية الواحد من الواحد بل هو لبيان الواقع لان السخرية وان كانت بين اثنين الا ان الغالب أن تقع بمحضر جماعة يرضون بها ويضحكون بسببها بدل ما وجب عليهم من النهى شركاء الساخر في تحمل الوزر ويكونون والإنكار ويكونون بمنزلة الساخرين حكما فنهوا عن ذلك يعنى انه من نسبة فعل البعض الى الجميع لرضاهم به في الأغلب او لوجوده فيما بينهم والقوم مختص بالرجال لانهم قوامون على النساء ولهذا عبر عن الإناث بما هو مشتق من النسوة نفتح النون وهو ترك العمل ويؤيده قول زهير
وما أدرى ولست إخال أدرى ... أقوم آل حصن أم نساء
عَسى شايد أَنْ يَكُونُوا باشند خَيْراً مِنْهُمْ تعليل للنهى اى عسى ان يكون المسخور منهم خيرا عند الله من الساخرين ولا خبر لعسى لاغناء الاسم عنه وَلا نِساءٌ اى ولا تسخر نساء من المؤمنات وهو اسم جمع لامرأة مِنْ نِساءٍ منهن وانما لم يقل امرأة من رجل ولا بالعكس للاشعار بان مجالسة الرجل المرأة مستقبح شرعا حتى منعوها عن حضور الجماعة ومجلس الذكر لان الإنسان انما يسخر ممن يلابسه غالبا عَسى أَنْ يَكُنَّ اى المسخور منهن خَيْراً مِنْهُنَّ اى من الساخرات فان مناط الخميرية في الفريقين ليس ما يظهر للناس من الصور والاشكال ولا الأوضاع والأطوار التي عليها يدور امر السخرية غالبا بل انما هو الأمور الكامنة في القلوب فلا يجترئ أحد على استحقار أحد فعله اجمع منه لما نيط به من الخيرية عند الله فيظلم نفسه بتحقير من وقره الله واستهانة من عظمه الله وفي التأويلات النجمية يشير الى انه لا عبرة بظاهر الخلق فلا تنظر الى أحد بنظر الا زرآء والاستهانة والاستخفاف والاستحقار لان في استحقار أخيك عجب نفسك مودع كما نظر إبليس بنظر الحقارة الى آدم عليه السلام فأعجبه نفسه فقال اما خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين فلعن الى الابد لهذا المعنى فمن حقر أخاه المسلم وظن انه خير منه يكون إبليس وقته واخوه آدم وقته ولهذا قال تعالى عسى ان يكونوا خيرا منهم فبالقوم يشير الى اهل المحبة وارباب السلوك فانهم مخصوصون بهذا الاسم كما قال تعالى فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه يعنى لا ينظر المنتهى من ارباب الطلب بنظر الحقارة الى المبتدئ والمتوسط عسى