عقيب الليل سريعا وحثيثا منصوب على انه صفة مصدر محذوف اى يطلبه طلبا حثيثا اى سريعا ولما كان كل واحد من الليل والنهار يعقب الآخر ويجىء بعده من غير ان يفصل بينهما بشىء صار كأنه يطلب الآخر على منهاج واحد وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ عطف على السموات اى خلق كل هذه المخلوقات حال كونها مسخرات بقضائه وتصرفه اى مذللات لما يراد منها من الطلوع والأفول والحركات المقدرة والأحوال الطارئة عليها أَلا تنبيه معناه اعلموا لَهُ اى لله تعالى والتقديم للتخصيص الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ فانه الموجد للكل والمتصرف فيه على الإطلاق وفى التأويلات النجمية ما خلق بامره تعالى من غير واسطة امر وما خلق بواسطة خلق وذكر الامام ان العالم وهو ما سوى الله تعالى منحصر فى نوعين عالم الخلق وعالم الأمر وان المراد بعالم الخلق عالم الأجساد والجسمانيات وبعالم الأمر عالم الأرواح والمجردات وان قوله تعالى أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ اشارة الى هذين العالمين عبر عن العالم الاول بعالم الخلق لان الخلق عبارة عن التقدير وكل ما كان جسما او جسمانيا كان مخصوصا بمقدار معين فعبر عنه بعالم الخلق وكل ما كان مجردا عن الحجم والمقدار كان من عالم الأرواح ومن عالم الأمر مكونات بمجرد امر كن فخص كل واحد منهما باسم مناسب له وقيل ألا له الخلق والأمر انتهى كلام الامام وقال حضرة شيخنا العلامة أبقاه الله بالسلامة الخلق عالم العين والكون والحدوث روحا وجسما والأمر عالم العلم والآلة والوجوب وعالم الخلق تابع لعالم الأمر إذ هو أصله ومبدأه قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي والله غالب على امره تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ اى تعالى بالوحدانية فى الالوهية وتعظم بالتفرد فى الربوبية قال ابن الشيخ اى تعاظم الا له الواحد الموجد للكل المتصرف فيه بالربوبية رد به على الكفرة الذين كانوا يتخذون أربابا فدعاهم الى التوحيد بالحكمة والحجة وصدر الآية بان ردا لانكارهم فقال ان ربكم المستحق للربوبية ليس الا واحدا وهو الله الموجد للكل على الترتيب المحكم المتقن الدال على كمال العلم والحكمة والقدرة وهو الذي انشأ ملكه على ما يشاهد ثم أخذ فى تدبيره كالملك المتمكن فى مملكته بتدبير ملكه انتهى- يروى- ان الصاحب ابن عباد كان يتردد فى معنى الرقيم وتبارك والمتاع ويدور على قبائل العرب فسمع امرأة تسأل اين المتاع ويجيب ابنها الصغير بقوله جاء الرقيم اى الكلب وأخذ المتاع وتبارك الجبال فاستفسر منهم وعرف ان الرقيم هو الكلب وان المتاع هو ما يبل بالماء فيمسح به القصاع وان تبارك بمعنى صعد وتعالى وفى الحديث (من لم يحمد الله على عمل صالح وحمد نفسه فقد كفر وحبط عمله ومن زعم ان الله خلق للعباد من الأمر سببا فقد كفر بما انزل الله على أنبيائه) لقوله تعالى أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ قال الشاعر
الى الله كل الأمر فى خلقه معا ... وليس الى المخلوق شىء من الأمر
ادْعُوا رَبَّكُمْ بمعنى المربى من التربية وهى تبليغ الشيء الى كماله شيأ فشيأ وهو تعالى مربى الظواهر بالنعمة وهى النفوس ومربى البواطن بالرحمة وهى القلوب ومربى نفوس العابدين باحكام الشريعة ومربى قلوب المشتاقين بآداب الطريقة ومربى اسرار المحبين بانوار الحقيقة وهو اى الرب اسم الله الأعظم ولذلك كل اسم قلبته بطل معناه الا الرب فان مقلوبه البر