والإيذان باستقلال كل منهما نُزُلًا رزقا كائنا مِنْ غَفُورٍ للذنوب العظام مبدل للسيئات بالحسنات رَحِيمٍ بالمؤمنين من اهل الطاعات بزيادة الدرجات والقربات قوله نزلا حال مما تدعون اى من الموصول او من ضميره المحذوف اى ما تدعونه مفيدة لكون ما يتمنونه بالنسبة الى ما يعطون من عظائم الأمور كالنزل وهو ما يهيأ للنزيل اى الضيف من الرزق كأنه قيل وثبت لكم فيها الذي تدعونه حال كونه كالنزل للضيف واما اصل كرامتكم فمما لا يخطر ببالكم فضلا عن الاشتهاء او التمني وفى التأويلات النجمية نزلا اى فضلا وعطاء وتقدمة لما سيديم الى الأزل من فنون الأعطاف واصناف الألطاف وذلك لأن عطاء الله تعالى يتجدد فى كل آن خصوصا لاهل الاستقامة من أكامل الإنسان ويظهر فى كل وقت وموطن ما لم يظهر قبله وفى غيره ويكون ما فى الماضي كالنزل لما يظهر فى الحال ومن هنا قالوا ما ازداد القوم شربا الا ازداد وا عطشا وذلك لأنه لا نهاية للسير الى الله فى الدنيا والآخرة (وفى المثنوى)
هر كه جز ماهى ز آبش سير شد ... هر كه بى روزيست روزش دير شد
وفيه اشارة الى ان بعض الناس لا نصيب له من العشق والذوق والتجلي ويومه ينقضى بالهموم وتطول حسرته ولذلك كان يوم القيامة خمسين الف سنة قال ابن الفارض فى آخر القصيدة الخمرية على نفسه فليبك من ضاع عمره وليس له منها نصيب ولا سهم (وقال الصائب)
ازين چهـ سود كه در كلستان وطن دارم ... مرا كه عمر چونركس بخواب ميكذرد
ومن الناس من له نصيب من هذا الأمر لكن لا على وجه الكمال ومنهم من لم يحصل له الري أصلا وهو حال الكمل (حكى) ان يحيى بن معاذ الرازي رضى الله عنه كتب الى ابى يزيد البسطامي قدس سره سكرت من كثرة ما شربت من كأس حبه فكتب اليه ابو يزيد.
شربت الحب كأسا بعد كأس ... فما نفد الشراب ولا رويت
أشار الى ان حصول الرىّ انما هو للصعفاء واما الأقوياء فانهم يقولون هل من مزيد ولو شربوا سبعة أبحر جعلنا الله وإياك هكذا من فضله وَمَنْ استفهام والمعنى بالفارسية وكيست أَحْسَنُ نيكوتر قَوْلًا از جهت سخن مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ اى الى توحيده وطاعته وَعَمِلَ صالِحاً فيما بينه وبين ربه وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ابتهاجا بانه منهم او اتخاذ اللاسلام دينا ونحلة إذ لا يقبل طاعة بغير دين الإسلام من قولهم هذا قول فلان اى مذهبه لا انه تكلم بذلك وفيه رد على من يقول انا مسلم ان شاء الله فانه تعالى قال مطلقا غير مقيد بشرط ان شاء الله وقال علماء الكلام ان قاله للشك فهو كفر لا محالة وان كان للتأدب مع الله واحالة الأمور الى مشيئة الله او للشك فى العاقبة والمآل لا فى الآن والحال وللتبرك بذكر الله او التبري من تزكية نفسه والاعجاب بحاله فجائز لكن الاولى تركه لما انه يوهم الشك وحكم الآية عام لكل من جمع ما فيها من الخصال الحميدة التي هى الدعوة والعمل والقول وان نزلت فى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم او فى أصحابه رضى الله عنهم او فى المؤذنين فانهم يدعون الناس الى الصلاة فان قلت السورة بكمالها مكية بلا خلاف والاذان انما شرع بالمدينة قلت