ورد الطاعات وسوء العاقبة والموت واهوال يوم القيامة والنار والمرور على الصراط وخوف المفراق وتدبير الأحوال وغير ذلك وفى الحديث (ليس على اهل لا اله الا الله وحشة فى قبورهم ولا فى محشرهم ولا فى منشرهم وكأنى باهل لا اله الا الله يخرجون من قبورهم ينفضون التراب عن وجوههم ويقولون الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن) قال ابو سعيد الخراز قدس سره اهل المعرفة فى الدنيا كأهل الجنة فى الآخرة فتركوا الدنيا فى الدنيا فتنعموا وعاشوا عيش الجنانيين بالحمد والشكر بلا خوف ولا حزن
جنت نقدست اينجا ذوق ارباب حضور ... در دل ايشان نباشد حزن وغم تا نفخ صور
إِنَّ رَبَّنا المحسن إلينا مع اساءتنا لَغَفُورٌ للمذنبين فيبالغ فى ستر ذنوبهم الفائتة للحصر شَكُورٌ للمطيعين فيبالغ فى اثابتهم فان الشكر من الله الاثابة والجزاء الوفاق وفى التأويلات غفور للظالم لنفسه شكور للمقتصد والسابق وانما قدم ما للظالم رفقا بهم لضعف أحوالهم انتهى ثم وصفوا الله بوصف آخر هو شكر له فقالوا الَّذِي أَحَلَّنا أنزلنا يقال حلت نزلت من حل الأحمال عند النزول ثم جرد استعماله للنزول فقيل حل حلولا وأحله غيره والمحلة مكان النزول كما فى المفردات دارَ الْمُقامَةِ مفعول ثان لاحل وليست بظرف لانها محدودة. والمقامة بالضم مصدر تقول اقام يقيم اقامة ومقامة اى دار الاقامة التي لا انتقال عنها ابدا فلا يريد النازل بها ارتحالا منها ولا يراد به ذلك مِنْ فَضْلِهِ اى من انعامه وتفضله من غير ان يوجبه شىء من قبلنا من الأعمال فان الحسنات فضل منه ايضا فلا واجب عليه وذلك ان دخول الجنة بالفضل والرحمة واقتسام الدرجات بالأعمال والحسنات هذا مخلوق تحت رق مخلوق مثله لا يستحق على سيده عوضا لخدمته فكيف الظن بمن له الملك على الإطلاق أيستحق من يعبده عوضا على عبادته تعالى الله عما يقول المعتزلة من الإيجاب وفى التأويلات وبقوله (الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ) من فضله كشف القناع عن وجه الأحوال كلها فدخل كل واحد من الظالم والمقتصد والسابق فى مقام أحله الله فيه من فضله لا بجهده وعمله وان الذي ادخله الله الجنة جزاء بعمله فتوفيقه للعمل الصالح ايضا من فضل الله وهذا حقيقة قوله عليه السلام (قبل من قبل لا لعلة ورد من رد لا لعلة) لا يَمَسُّنا المس كاللمس وقد يقال فى كل ما ينال الإنسان من أذى والمعنى: بالفارسية [نميرسد ما را] فِيها
اى فى دار الاقامة فى وقت من الأوقات نَصَبٌ تعب بدن ولا وجع كما فى الدنيا وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ كلال وفتور إذ لا تكليف فيها ولا كدّ: وبالفارسية [ماندكى وملال چهـ كلفتى ومحنتى نيست در وى بلكه همه عيش وحضور وفرح وسرورست] وإذا أرادوا ان يروه لا يحتاجون الى قطع مسافة وانتظار وقت بل هم فى غرفهم يلقون فيها تحية وسلاما وإذا رأوه لا يحتاجون الى تحديق مقلة فى جهة يرونه كما هم بلا كيفية كل صفة لهم أرادت الرؤية لقوله تعالى (وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ) والفرق بين النصب واللغوب ان النصب نفس المشقة والكلفة واللغوب ما يحدث منه من الفتور للجوارح قال ابو حيان هو لازم من تعب البدن فهى الجديرة لعمرى بان يقال فيها