فقال عليه السلام ما احسن بياض اسنانها تنبيها على ان الذي ينبغى ان يذكر من كل شىء ما هو احسن كذا في شرح الأسماء الحسنى للامام الغزالي قدس سره إِنَّ الَّذِينَ نزلت في أحبار اليهود فانهم كانوا يرجون ان يكون النبي المنعوت في التوراة منهم فلما بعث الله نبينا محمدا عليه السلام من غيرهم غيروا نعته حتى إذا نظر اليه السفلة يجدونه مخالفا لصفة محمد عليه السلام فلا يتبعونه فلا تزول رياستهم يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتابِ حال من العائد المحذوف اى أنزله الله حال كونه من الكتاب وهو التوراة المشتمل على نعت محمد عليه السلام وَيَشْتَرُونَ بِهِ اى بدل المنزل المكتوم ثَمَناً قَلِيلًا اى يأخذون عوضا حقيرا من الدنيا يعنى المآكل التي يصيبونها من سفلتهم أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ اما في الآخرة فظاهر لانهم لا يأكلون يوم القيامة الا عين النار عقوبة لهم على أكلهم الرشوة في الدنيا واما فى الدنيا فبأكل سببها فان أكلهم ما أخذوه من اتباعهم سبب مؤد الى ان يعاقبوا بالنار فاطلاق النار عليه من قبيل اطلاق اسم المسبب على السبب ومعنى في بطونهم ملئ بطونهم يقال أكل فى بطنه وأكل في بعض بطنه يعنى ان المقصود من ذكر بطونهم متعلقا بقوله يأكلون انما هو بيان محل الاكل ومقر المأكول فلما لم يقل يأكلون في بعض بطونهم علم ان محل الاكل هو تمام بطونهم فلزم امتلاءها ففيه مبالغة كأنهم ما كانوا متكئين على البطون عند الاكل فملأوا بطونهم وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ اى لا يكلمهم الله بطريق الرحمة غضبا عليهم فليس المراد به نفى الكلام حقيقة لئلا يتعارض بقوله تعالى فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ونحوه بل هو كناية عن الغضب لان نفى الكلام لازم للغضب عرفا وعادة الملوك عند الغضب انهم يعرضون عن المغضوب عليهم ولا يكلمونهم كما انهم عند الرضى يتوجهون إليهم بالملاطفة وَلا يُزَكِّيهِمْ لا يثنى عليهم ولا يطهرهم من دنس الذنوب يوم يطهر المؤمنين من ذنوبهم بالمغفرة وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وجع دائم مؤلم أُولئِكَ المشترون بكتاب الله ثمنا قليلا ليسوا بمشترين للثمن وان قل بل الَّذِينَ اشْتَرَوُا بالنسبة الى الدنيا الضَّلالَةَ التي ليست مما يكن ان يشترى قطعا بِالْهُدى الذي ليس من قبيل ما يبذل بمقابلة شىء وان جل وَالْعَذابَ اى اشتروا بالنظر الى الآخرة العذاب الذي لا يتوهم كونه من المشترى بِالْمَغْفِرَةِ التي يتنافس فيها المتنافسون فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ اى ما أصبرهم على اعمال اهل النار حين تركوا الهدى وسلكوا مسالك الضلال فالمراد بالنار سببها اطلق عليه اسم النار للملابسة بينهما ومعنى التعجب راجع الى العباد فهو تعجب اى إيقاع للمخاطب في العجب لامتناع التعجب في شأنه تعالى لان التعجب منشأه الجهل بالسبب فانهم قالوا التعجب انفعال النفس مما خفى سببه وخرج عن نظائره فلا يجوز على الله تعالى ذلِكَ العذاب بالنار بِأَنَّ اللَّهَ اى بسبب انه نَزَّلَ الْكِتابَ اى جنس الكتاب بِالْحَقِّ اى حال كونه ملتبسا بالحق فلا جرم يكون من يرفضه بالتكذيب والكتمان ويركب متن الجهل والغواية مبتلى بمثل هذا من أفانين العذاب وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ اى في جنس الكتاب الإلهي بان آمنوا ببعض كتب الله وكفروا ببعضها او في التوراة بان آمنوا ببعض