دوستانرا كجا كنى محروم ... تو كه با دشمنان نظر دارى
كُلُوا اى وقلنا لكم كلوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ اى من لذائذه او حلالاته قال الراغب اصل الطيب ما تستلذه الحواس والنفس والطعام الطيب فى الشرع ما كان متناولا من حيث ما يجوز وبقدر ما يجوز ومن المكان الذي يجوز فانه متى كان كذلك كان طيبا عاجلا وآجلا لا يستوخم والا فانه وان كان طيبا عاجلا لم يطب آجلا وَلا تَطْغَوْا فِيهِ الطغيان تجاوز الحد فى العصيان اى ولا تتجاوزا الحد فيما رزقناكم بالإخلال بشكره وبالسرف والبطر والمنع من المستحق والادخار منه لا كثر من يوم وليلة فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي جواب للنهى اى فيلزمكم عقوبتى وتجب لكم من حل الدين يحل بالكسر إذا وجب أداؤه واما يحل بالضم فهو بمعنى الحلول اى النزول والغضب ثوران دم القلب عند ارادة الانتقام وإذا وصف الله تعالى به فالمراد الانتقام دون غيره: وفى المثنوى
شكر منعم واجب أمد در خرد ... ور نه بگشايد در خشم ابد
وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى اى تردى وهلك واصله ان يسقط من جبل فيهلك ومن بلاغات الزمخشري من أرسل نفسه مع الهوى فقد هوى فى ابعد الهوى وفى التأويلات النجمية ونزلنا عليهم المن من صفاتنا والسلوى سلوى أخلاقنا كلوا من طيبات ما رزقناكم اى اتصفوا بطيبات صفاتنا وتخلقوا بكرائم أخلاقنا التي شرفناكم بها اى لو لم تكن العناية الربانية لما نجا الروح والقلب وصفاتهما من شر فرعون النفس وصفاتها ولولا التأييد الإلهي لما اتصفوا بصفات الله ولا تخلقوا بأخلاقه ثم قال ولا تطغوا فيه اى إذا استغنيتم بصفاتى واخلاقى عن صفاتكم وأخلاقكم فلا تطغوا بان تدعوا العبودية وتدعوا الربوبية وتسموا باسمي بان اتصفتم بصفاتى كما قال بعضهم انا الحق وبعضهم سبحانى وما أشبه هذه الأحوال مما يتولد من طبيعة الانسانية فان الإنسان ليطغى ان رآه استغنى وان طغيان هذه الطائفة بمثل هذه المقالات وان كانت هى من أحوالهم لان الحالات لا تصلح للمقامات وهى موجبة للغضب كما قال تعالى فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى اى نجعل كل معاملاته فى العبودية هباء منثورا ولهذا الوعيد امر الله عباده فى الاستهداء بقوله اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ اى اهدنا هداية غير من أنعمت عليه بتوفيق الطاعة والعبودية ثم ابتليته بطغيان يحل عليه غضبك وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لستور لِمَنْ تابَ من الشرك والمعاصي التي من جملتها الطغيان فيما ذكر قال فى المفاتيح شرح المصابيح الفرق بين الغفور والغفار ان الغفور كثير المغفرة وهى صيانة العبد عما استحقه من العقاب للتجاوز عن ذنوبه من الغفر وهو إلباس الشيء ما يصونه عن الدنس ولعل الغفار ابلغ منه لزيادة بنائه وقيل الفرق بينه وبين الغفار ان المبالغة فيه من جهة الكيفية وفى الغفار باعتبار الكمية وَآمَنَ بما يجب الايمان به وَعَمِلَ صالِحاً مستقيما عند الشرع والعقل وفيه ترغيب لمن وقع منه الطغيان فيما ذكر وحث على التوبة والايمان ثُمَّ اهْتَدى اى استقام على الهدى ولزمه حتى الموت وهو اشارة الى ان من لم يستمر عليه بمعزل من الغفران وثم للتراخى الرتبى قال فى بحر العلوم ثم لتراخى الاستقامة على الخير عن الخير