والمشتاقين بالرؤية والعاشقين الصادقين بالقربة والوصلة لا يخلف الله الميعاد. يعنى إذا لم يقع لهم فترة فلا محالة يصدق وعده وإذا وقع لهم ذلك فلا يلومن الا أنفسهم وعن ابى سعيد الخدري رضى الله عنه عن النبي عليه السلام انه قال (ان اهل الجنة ليتراءون اهل الغرف من فوقهم) المراد من أهلها اصحاب المنازل الرفيعة وتراءى القوم الهلال رأوه بأجمعهم ومنه الحديث (كما يتراءون الكوكب الدرّى الغابر فى الأفق من المشرق والمغرب) الغابر الباقي يعنى يرى التباعد بين اهل الغرف وسائر اصحاب الجنة كالتباعد المرئي بين الكوكب ومن فى الأرض وانهم يضيئون لاهل الجنة اضاءة الكوكب الدري (لتفاضل ما بينهم) يعنى يرى اهل الغرف كذلك لتزايد درجاتهم على من سواهم قالوا يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم قال (بلى والذي نفسى بيده رجال) يعنى يبلغها رجال وانما قرن القسم ببلوغ غيرهم لما فى وصول المؤمنين لمنازل الأنبياء من استبعاد السامعين (آمنوا بالله وصدقوا المرسلين) وفيه بشارة واشارة الى ان الداخلين مداخل الأنبياء من مؤمنى هذه الامة لانه قال وصدقوا المرسلين وتصديق جميع الرسل انما صدر منهم لا ممن قبلهم من الأمم وفى الحديث (من يدخل الجنة ينعم ولا ييأس لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه) قوله ينعم بفتح الياء والعين اى يصيب نعمة وقوله ولا ييأس بفتح الهمزة اى لا يفتقر وفى بعض النسخ بضمها اى لا يرى شدة قوله لا تبلى بفتح حرف المضارعة واللام أَلَمْ تَرَ [آيا نمى بينى يا محمد] او يا ايها الناظر أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ من تحت العرش ماءً هو المطر- روى- عن ابى هريرة رضى الله عنه عن النبي عليه السلام انه قال (المياه العذبة والرياح اللواقح من تحت صخرة بيت المقدس) يعنى كل ماء فى الأرض نهرا او غيره فهو من السماء ينزل منها الى الغيم ثم منه الى الصخرة يقسمه الله بين البقاع فَسَلَكَهُ يقال سلك المكان وسلك غيره فيه واسلكه ادخله فيه اى فادخل ذلك الماء ونظمه يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ اى عيونا ومجارى كالعروق فى الأجساد فقوله (يَنابِيعَ) نصب بنزع الخافض وقد ذكر الخافض فى قوله (اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ) وقوله (فِي الْأَرْضِ) بيان لمكان الينابيع كقولك لصاحبك ادخل الماء فى جدول المبطخة فى البستان وفيه ان ماء العين هو المطر يحبسه فى الأرض ثم يخرجه شيأ فشيأ فالينابيع جمع ينبوع وهو يفعول من نبع الماء ينبع نبعا مثلثة ونبوعا خرج من العين والينبوع العين التي يخرج منها الماء والينابيع الامكنة التي ينبع ويخرج منها الماء ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ [پس بيرون مى آرد بدان آب] زَرْعاً هو فى الأصل مصدر بمعنى الإنبات عبر به عن المزروع اى مزروعا مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ اصنافه من بر وشعير وغيرهما وكيفياته من الألوان والطعوم وغيرهما. وكلمة ثم للتراخى فى الرتبة او الزمان وصيغة المضارع لاستحضار الصورة قال فى المفردات اللون معروف وينطوى على الأبيض والأسود وما يركب منهما ويقال تلوّن إذا اكتسى لونا غير اللون الذي كان له ويعبر بالألوان عن الأجناس والأنواع يقال فلان اتى بألوان من الأحاديث وتناول كذا لونا من الطعام انتهى ثُمَّ يَهِيجُ اى يتم جفافه حين حان له ان يثور عن منبته يقال هاج يهيج هيجا وهيجانا وهياجا بالكسر ثار وهاج النبت