للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احسن وأقوى فى الإفضاء الى الايمان وتصديقه ولما لم يفعل ذلك علمنا انه ما أراد تصديقه ومن لطائف الشيخ نجم الدين فى تأويلاته أنه قال يشير الى ان الذين لا يؤمنون بالآخرة والحشر من الكفرة يتمنون رؤية ربهم بقولهم (أَوْ نَرى رَبَّنا) فالمؤمنون الذين يدعون انهم يؤمنون بالآخرة والحشر كيف ينكرون رؤية ربهم وقد ورد بها النصوص فلمنكرى الحشر عليهم فضيلة بانهم طلبوا رؤية ربهم وجوزوها كما جوزوا إنزال الملائكة ولمنكرى الرؤية ممن يدعى الايمان شركة مع منكرى الحشر فى جحد ما ورد به الخبر والنقل لان النقل كما ورد بكون الحشر ورد بكون الرؤية لاهل الايمان لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا اللام جواب قسم محذوف اى والله لقد استكبروا والاستكبار ان يشبع فيظهر من نفسه ما ليس له اى أظهروا الكبر باطلا فِي أَنْفُسِهِمْ اى فى شأنها يعنى وضعوا لانفسهم قدرا ومنزلة حيث أرادوا لانفسهم الرسل من الملائكة ورؤية الرب تعالى وقال الكاشفى [بخداى كه بزركى كردند در نفسهاى خود يعنى تعاظم ورزيدن وجراءت نمودن درين تحكم] وَعَتَوْا اى تجاوزوا الحد فى الظلم والطغيان والعتو الغلو والنبو عن الطاعة عُتُوًّا كَبِيراً بالغا الى أقصى غاياته من حيث عاينوا المعجزات القاهرة واعرضوا عنها واقترحوا لانفسهم الخبيثة معاينة الملائكة الطيبة ورؤية الله تعالى التي لم ينلها أحد فى الدنيا من افراد الأمم وآحاد الأنبياء غير نبينا عليه السلام وهو انما رآه تعالى بعد العبور عن حد الدنيا وهو الافلاك السبعة التي هى من عالم الكون والفساد وفى الوسيط انما وصفوا بالعتو عند طلب الرؤية لانهم طلبوها فى الدنيا عنادا للحق واباء على الله ورسوله فى طاعتهما فغلوا فى القول والكفر غلوا شديدا وفى الاسئلة المقحمة فاذا كان رؤية الله جائزة فكيف وبخهم على سؤالهم لها قلنا التوبيخ بسبب انهم طلبوا ما لم يكن لهم طلبه لانهم بعد ان عاينوا الدليل قد طلبوا دليلا آخر ومن طلب الدليل بعد الدليل فقد عتا عتوا ظاهرا ولانهم كلفوا الايمان بالغيب فطلبوا رؤية الله وذلك خروج عن موجب الأمر وعن مقتضاه فان الايمان عند المعاينة لا يكون ايمانا بالغيب فلهذا وصفهم بالعتو يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ اى ملائكة العذاب فيكون المراد يوم القيامة ولم يقل يوم تنزل الملائكة إيذانا من أول الأمر بان رؤيتهم لينست على طريق الاجابة الى ما اقترحوه بل على وجه آخر غير معهود ويوم منصوب على الظرفية بما يدل عليه قوله تعالى لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ لانه فى معنى لا يبشر يومئذ المجرمون لا بنفس بشرى لانه مصدر والمصدر لا يعمل فيما قبله وكذا لا يجوز ان يعمل ما بعد لا فيما قبلها واصل الجرم قطع الثمرة من الشجر واستعير ذلك لكل اكتساب مكروه ووضع المجرمون موضع الضمير تسجيلا عليهم بالاجرام مع ما هم عليه من الكفر ويومئذ تكرير للتأكيد بين الله تعالى ان الذي طلبوه سيوجد ولكن يلقون منه ما يكرهون حيث لا بشرى لهم بل إنذار وتخويف وتعذيب بخلاف المؤمنين فان الملائكة تنزيل عليهم ويبشرونهم ويقولون لا تخافوا ولا تحزنوا. ومعنى الآية بالفارسية [هيچ مژده نيست آن روز مر كافران اهل مكه را] وَيَقُولُونَ اى الكفرة المجرمون عند مشاهدة الملائكة وهو معطوف على ما ذكر من الفعل المنفي حِجْراً مَحْجُوراً

<<  <  ج: ص:  >  >>