عطف على الصلة من حيث المعنى اى ان الناس الذين تصدقوا وتصدقن واقرضوا الله قرضا حسنا واقرضن والاقراض الحسن عبارة عن التصدق من الطيب عن طيبة النفس وخلوص النية على المستحق للصدقة ففيه دلالة على ان المعتبر هو التصدق المقرون بالإخلاص فيندفع توهم التكرار لان هذا تصدق مقيد وما قبله تصدق مطلق وفي الحديث (يا معشر النساء تصدقن فانى أريتكن اكثر أهل النار) وفيه اشارة الى زيادة احتاجهن الى التصدق (وروى) مسلم عن جابر رضى الله عنه انه قال شهدت مع رسول الله عليه السلام صلاة العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا اقامة ثم قام متوكئا على بلال رضى الله عنه فأمر بتقوى الله وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم ثم مضى الى النساء فوعظهن وذكرهن فقال تصدقن فان اكثر كن حطب جهنم قالت امرأة لم يا رسول الله فقال لا نكن تكثرن الشكاية وتكفرن العشير أي المعاشر وهو الزوج فجعلن يتصدقن من حليهن ويلقين فى ثوب بلال حتى اجتمع فيه شيء كثير قسمه على فقراء المسلمين يُضاعَفُ لَهُمْ على البناء للمفعول مسند الى ما بعده من الجار والمجرور وقيل الى مصدر ما في حيز الصلة على حذف مضاف اى ثواب التصدق وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ وهو الذي يقترن به رضى واقبال
بدنيا توانى كه عقبى خرى ... بخر جان من ور نه حسرت خورى
وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ كافة وهو مبتدأ أُولئِكَ مبتدأ ثان هُمُ مبتدأ ثالث خبره قوله الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ وهو مع خبره خبر للاول او هم ضمير الفصل وما بعده خبر لاولئك والجملة خبر للموصول اى أولئك عِنْدَ رَبِّهِمْ بمنزلة الصديقين والشهداء المشهورين بعلو المرتبة ورفعة المحل وهم الذين سبقوا الى التصديق واستشهدوا فى سبيل الله قال في فتح الرحمن الصديق نعت لمن كثر منه الصدق وهم ثمانية نفر من هذه الامة سبقوا اهل الأرض في زمانهم الى الإسلام ابو بكر وعلى وزيد وعثمان وطلحة والزبير وسعد وحمزة وتاسعهم عمر بن الخطاب رضى الله عنهم الحقه الله بهم وان تم به الأربعون لما عرف من صدق نيته وقيل الشهداء على ثلاث درجات الدرجة الاولى الشهيد بين الصفين وهو أكبرهم درجة ثم كل من قضى بقارعة او بلية وهى الدرجة الثانية مثل الغرق والحرق والهالك في الهدم والمطعون والمبطون والغريب والميتة بالوضع والميت يوم الجمعة وليلة الجمعة والميت على الطهارة والدرجة الثالثة ما نطقت به هذه الآية العامة للمؤمنين وقال بعضهم في معنى الآية هم المبالغون في الصدق حيث آمنوا وصدقوا جميع اخباره تعالى ورسله والقائمون بالشهادة لله بالوحدانية ولهم بالايمان او على الأمم يوم القيامة وقال بعض الكبار يعنى الذين آمنوا بالله ايمانا حقيقيا شهوديا عيانيا لا علميا بيانيا وذلك بطريق الفناء في الله نفسا وقلبا وسرا وروحا والبقاء به وآمنوا برسله بفناء صفات القلب والبقاء بصفات الروح أولئك هم المتحققون بصفة الصديقية البالغون أقصى مراتب الصدق والشهداء على نفوسهم بالصدق والوفاء بالعهد لترشح رشحات الصدق عنهم لا جرم لهم اجر الصديقين ونور الشهداء مختص بهم لا بمن آمن بالتقليد وصدق وشهد باللسان من غير العيان والعيان يترتب على الفناء وفرقوا بين الصادق