للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاول إصلاح الظاهر وغاية الثاني إصلاح الباطن وهو أصعب وأقوى. وايضا غاية الاول الوصول الى الجنة والرحمة. وغاية الثاني الوصول الى مشاهدة الحق والجمال المطلق. وايضا غاية الاول الشهادة. وغاية الثاني الصديقية والصديقون أعلى منزلة من الشهداء كما قال تعالى فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ فقدم ذكر الصديقين على ذكر الشهداء فاذا وصل المرء الى صلاح النفس بالجهاد الأكبر الذي هو أعز من الكبريت الأحمر يرحم العباد ولا يقصد لهم الضرر- حكى- ان بعضهم جاء الى بعض المشايخ وخدمه وقال له أريد أن تعلمنى الاسم الأعظم فقال له وفيك اهلية له قال نعم قال اذهب الى باب البلد ثم أخبرني بما جرى فيه فذهب وجلس على باب البلد فاذا بشيخ حطاب معه حطب على حمار فضربه جندى وأخذ حطبه ظلما فلما رجع الرجل الى الشيخ وأخبره بالقصة قال له الشيخ لو كنت تعلم الاسم الأعظم ما تصنع بالجندى قال كنت ادعو عليه بالهلاك فقال له الشيخ اعلم ان الحطاب هو الذي علمنى الاسم الأعظم واعلم ان الاسم الأعظم لا يصلح الا لمن يكون على هذه الصفة من الصبر والرحمة على الخلق والشفقة عليهم: قال السعدي قدس سره

مكن تا توانى دل خلق ريش ... وگر ميكنى ميكنى بيخ خويش

ثم ان قلة الكلام من انفع الأشياء في إصلاح النفس كما ان اللقمة الطيبة انفع في إصلاح الطبيعة وصفاء القلب: قال في المثنوى

طفل جان از شير شيطان باز كن ... بعد از آنش با ملك انباز كن

تا تو تاريك وملول وتيره ... دانكه با ديو لعين همشيره

لقمه كو نور افزود وكمال ... آن بود آورده از كسب حلال

روغنى كايد چراغ ما كشد ... آب خوانش چون چراغى را كشد

يَسْئَلُونَكَ قال ابن عباس رضى الله عنهما ما رأيت قوما كانوا خيرا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سألوه الا عن ثلاث عشرة مسألة كلها في القرآن ما كانوا يسألونه الا عما ينفعهم وينفع المسلمين عَنِ الْخَمْرِ اى عن حكم تعاطيها بقرينة الجواب لان الحل والحرمة والإثم والطاعة انما هي من عوارض افعال المكلفين ولا اثم في ذوات الأشياء وأعيانها ويدخل فى تعاطى الخمر البيع والشراء وغيرهما مما يدخل تحت التصرف على خلاف الشرع. والخمر مصدر خمره اى ستره سمى به من عصير العنب ما على واشتد وقذف بالزبد لتغطيتها العقل والتمييز كأنها نفس الستر كما سميت سكرا لانها تسكرهما اى تحجزهما وَعن تعاطى الْمَيْسِرِ مصدر ميمى من يسر كالموعد والمرجع يقال يسرته إذا قمرته واشتقاقه اما من اليسر لانه أخذ المال بيسر من غير كد وتعب واما من اليسار لانه سلب له ويدخل فيه جميع انواع القمار والشطرنج وغيرهما حتى لعب الصبيان بالجوز والكعاب قُلْ فِيهِما اى في تعاطى الخمر والميسر واستعمالهما إِثْمٌ كَبِيرٌ لما ان الاول مسلبة للعقول التي هي قطب الدين والدنيا مع كون كل منهما متلفة للاموال وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ من كسب الطرب والمغالاة بثمن الخمر إذا جلبوها من الأطراف وفيها تقوية الضعيف وهضم الطعام والاعانة على الباءة اى الجماع

<<  <  ج: ص:  >  >>