ولا يعلو منها دخان فتسوروا الحيطان ودخلوا فرأوهم قد صار الشبان قردة والشيوخ خنازير لها أذناب يتعاوون فعرفت القردة أنسابهم من الانس ولم يعرف الانس أنسابهم من القردة فجعلت القردة تأتى نسيبها من الانس فتشم ثيابه وتبكى فيقول ألم ننهكم عن ذلك فكانوا يشيرون برؤسهم اى نعم والدموع تفيض من أعينهم ودل ذلك على انهم لما مسخوا بقي فيهم الفهم والعقل ثم لم يكن ابتداء القردة من هؤلاء بل كانت قبلهم قردة وهؤلاء حولوا الى صورتها لقبحها جزاء على قبح أعمالهم وأفعالهم وماتوا بعد ثلاثة ايام ولم يتوالدوا والقردة التي فى الدنيا هي نسل قردة كانت قبلهم فَجَعَلْناها اى صيرنا مسخة تلك الامة وعقوبتها نَكالًا اى عبرة تنكل من اعتبر بها اى تمنعه من ان يقدم على مثل صنيعهم لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها اى لما قبلها وما بعدها من الأمم والقرون لان مسختهم ذكرت في كتب الأولين فاعتبروا بها واعتبر بها من بلغتهم من الآخرين فاستعير ما بين يديها للزمان الماضي وما خلفها للمستقبل وَمَوْعِظَةً اى تذكرة لِلْمُتَّقِينَ الذين نهوهم عن الاعتداء من صالحى قومهم او لكل متق سمعها فاللام للاستغراق العرفي على التقديرين: قال السعدي نرود مرغ سوى دانه فراز چون دكر مرغ بيند اندر پند پند كير از مصائب دكران تا نكيرند ديكران ز تو پند واعلم ان هذا البلاء والخسران جزاء من لم يعرف قدر الإحسان ومن يكافئ المنعم بالكفران يرد من عزة الوصال الى ذل الهجران وكان عقوبة الأمم بالخسف والمسخ على الأجساد وعقوبة هذه الامة على القلوب وعقوبات القلوب أشد من عقوبات النفوس قال الله تعالى وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ الآية هكذا حال من لم يتأدب في خدمة الملوك وينخرط في أثناء السلوك ومن لم يتخط بساط القرية بقدم الحرمة يستوجب الحرمان ويستجلب الخسران ويبتلى بسياسة السلطان ثم علامة المسخ مثل الخنزير ان يأكل العذرات ومن أكل الحرام فقلبه ممسوخ ويقال علامة مسخ القلب ثلاثة أشياء لا يجد حلاوة الطاعة ولا يخاف من المعصية ولا يعتبر بموت أحد بل يصير ارغب في الدنيا كل يوم كذا في زهرة الرياض وروى عن عوف بن عبد الله انه قال كان اهل الخير يكتب بعضهم بثلاث كلمات من عمل لآخرته كفاه الله امر دنياه ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته قال محمد بن على الترمذي صلاح اربعة اصناف في اربعة مواطن صلاح الصبيان في الكتاب وصلاح القطاع في السجن وصلاح النساء في البيوت وصلاح الكهول في المساجد وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ توبيخ آخر لا خلاف بنى إسرائيل بتذكير بعض جنايات صدرت من أسلافهم اى واذكروا قول موسى عليه السلام لاجدادكم إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً هى الأنثى من نوع الثور او واحد البقر ذكرا كان او أنثى من البقر وهو الشق سميت به لانها تبقر الأرض اى تشقها للحراثة وسببه انه كان في بنى إسرائيل شيخ موسر فقتله بنوا عمه طمعا فى ميراثه فطرحوه على باب المدينة او حملوه الى قرية اخرى والقوه بفنائها ثم جاؤا يطالبون بديته وجاؤا بناس يدعون عليهم القتل فسألهم موسى فجحدوا فاشتبه امر القتيل على موسى