للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَجِيدُ هو الشريف ذاته الجميل أفعاله الجزيل عطاؤه نواله فكان شرف الذات إذا قارنه حسن الفعال سمى مجيدا وهو الماجد أيضا ولكن أحدهما دل على المبالغة وكأنه يجمع من اسم الجليل واسم الوهاب والكريم قال فى القاموس المجيد الرفيع العال والكريم والشريف الفعال ومجده عظمه وأثنى عليه والعطاء كثره والتمجيد ذكر الصفات الحسنة وقرئ بالكسر صفة للعرش ومجد العرش علوه فى الجهة وعظم مقداره وحسن صورته وتركيبه فانه أحسن الأجسام تركيبا وصورة وفى الحديث (ما الكرسي فى جنب العرش الا كحلقة ملقاة فى أرض فلاة) فاذا كان الكرسي كذلك مع سعته فما ظنك بسائر الاجرام العلوية والسفلية قال سهل رحمه الله ظهر الله العرش إظهارا للقدرة لا مكانا للذات ولا احتياجا اليه قال بعضهم ومن العجب ان الله لو ملأ العرش مع تلك السعة من حبوب الذرة وخلق طيرا أكل حبة واحدة منها فى ألف سنة لنفدت الحبوب ولا تنقطع مدة الآخرة ومع هذا لا يخاف بنوا آدم من عذاب تلك المدة ويضيعون أعمارهم فى شىء حقير سريع الزوال وفيه اشارة الى قلب العارف المستوي للرحمن كما جاء فى الحديث (قلب العارف عرش الله) ومجده هو أنه ما وسع ذلك الواسع المجيد غيره وخاصية هذا الاسم تحصيل الجلالة والمجد والطهارة ظاهرا وباطنا حتى فى عالم الأبدان والصور فلقد قالوا إذا صام الأبرص أياما وقرأه كل ليلة عند الإفطار كثيرا فانه يبرأ بإذن الله تعالى اما بلا سبب او بسبب يفتح الله له به فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ بحيث لا يتخلف عن إرادته مراد من أفعاله تعالى وأفعال غيره فيكون دليلا لاهل الحق على انه لا يتخلف شىء عن إرادته وهو خبر مبتدأ محذوف وانما قال فعال مبالغة فاعل لان ما يريد ويفعل فى غاية الكثرة من الاحياء والاماتة والإعزاز والاذلال والإغناء والاقتار والشفاء والأمراض والتقريب والتبعيد والعمارة والتخريب والوصل والفرق والكشف والحجاب الى غير ذلك من شؤونه وفى التأويلات النجمية فعال لما يريد بالمؤمن والكافر وأرباب الأرواح والاسرار والقلوب وأصحاب النفوس وأهل الهوى ان أراد أن يجعل أرباب الأرواح من أرباب النفوس فهو قادر على ذلك وهو عادل فى ذلك وان أراد عكس ذلك فهو كذلك وهو مفضل فى ذلك يحجب من يريد بجلاله كالمنكرين ويتجلى لمن يريد بجماله كالمقربين ويعامل لمن يريد بافاضة كماله كالعارفين قال القفال يدخل أولياءه الجنة لا يمنعه مانع ويدخل أعداءه النار لا ينصرهم ناصر ويمهل بعض العصاة على ما يشاء الى أن يجازيهم ويعاجل بعضهم بالعقوبة إذا شاء فهو يفعل ما يريد (روى) ان أناسا دخلوا على أبى بكر الصديق رضى الله عنه يعودونه فقالوا الا نأتيك بطبيب قال قد رآنى قالوا فما قال لك قال انى فعال لما أريد هَلْ أَتاكَ آيا آمد بتو. اى قد أتاك لان الاستفهام للتقرير حَدِيثُ الْجُنُودِ اى خبر الجموع الكافرة التي تجندت على الأنبياء فى الماضي وخبرهم ما صدر عنهم من التمادي فى الكفر والضلال وما حصل بها من العذاب والنكال فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ بدل من الجنود يعنى مع انه غير مطابق ظاهرا للمبدل منه فى الجمعية لان المراد بفرعون هو وقومه وقد يجعل من حذف المضاف بمعنى جنود فرعون اى هل أتاك حديثهم

<<  <  ج: ص:  >  >>