للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للتقرير والتقريع على قولهم لو كان رسولا من عند الله لما انهزم عسكره من الكفار يوم أحد وادي ذلك الى ان قالوا من اين هذه المغلوبية للمشركين فكيف صاروا منصورين علينا مع شركهم وكفرهم بالله ونحن ننصر رسول الله ودين الإسلام وهو استفهام على سبيل الإنكار فامر الله تعالى رسوله عليه السلام بان يجيب عن سؤالهم الفاسد فقال قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ اى هذا الانهزام انما حصل بشئوم عصيانكم حيث خالفتم الأمر بترك المركز والحرص على الغنيمة إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

ومن جملته النصر عند الطاعة والخذلان عند المخالفة وحيث خرجتم عن الطاعة أصابكم منه تعالى ما أصابكم وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ اى جمعكم وجمع المشركين يريد يوم أحد فَبِإِذْنِ اللَّهِ اى فهو كائن بقضائه وتخليته الكفار سماها اذنا لانها من لوازمه وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا اى وليتميز المؤمنون والمنافقون فيظهر ايمان هؤلاء وكفر هؤلاء وَقِيلَ لَهُمْ عطف على نافقوا داخل معه فى هذه الصلة وهم عبد الله بن ابى وأصحابه حيث انصرفوا يوم أحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت لهم عبد الله بن حرام أذكركم الله ان تخذلوا نبيكم وقومكم ودعاهم الى القتال وذلك قوله تعالى تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا عنا العدو بتكثير سوادنا ان لم تقاتلوا معنا فان كثرة السواد مما يروع العدو ويكسر منه قالُوا حين خيروا بين الخصلتين المذكورتين لَوْ نَعْلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعْناكُمْ اى لو نعلم ما يصح ان يسمى قتالا لا تبعناكم فيه لكن ما أنتم عليه ليس بقتال بل إلقاء النفس الى التهلكة أولو نحسن قتالا لا تبعناكم وانما قالوه دخلا واستهزاء هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ ومعنى كون قربهم الى الكفر أزيد يومئذ من قربهم الى الايمان انهم كانوا قبل ذلك الوقت كاتمين للنفاق فكانوا فى الظاهر أبعد من الكفر فلما ظهر منهم ما كانوا يكتمون صاروا اقرب للكفر فان كل واحد من انخذالهم برجوعهم عن معاونة المسلمين وكلامهم المحكي عنهم يدل على انهم ليسوا من المسلمين يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ يظهرون خلاف ما يضمرون لا تواطئ قلوبهم ألسنتهم بالايمان وإضافة القول الى الأفواه تأكيد وتصوير فان الكلام وان كان يطلق على اللساني والنفساني الا ان القول لا يطلق الا على ما يكون باللسان والفم فذكر الأفواه بعده تأكيد كقوله تعالى وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ وتصوير لحقيقة القول بصورة فرده الصادر عن آلته التي هى الفرد وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ من النفاق وما يخلو به بعضهم الى بعض فانه يعلمه مفصلا بعلم واجب وأنتم تعلمونه مجملا بامارات الَّذِينَ قالُوا مرفوع على انه بدل من واو يكتمون لِإِخْوانِهِمْ لاجل إخوانهم من جنس المنافقين المقتولين يوم أحد أو إخوانهم فى النسب وفى سكنى الدار فيندرج فيهم بعض الشهداء وَقَعَدُوا حال من ضمير قالوا بتقدير قداى قالوا وقد قعدوا عن القتال بالانخذال لَوْ أَطاعُونا اى فيما امرناهم ووافقونا فى ذلك ما قُتِلُوا كما لم نقتل وفيه إيذان بأنهم امروهم بالانخذال حين انخذلوا وأغووهم كما غووا قُلْ تبكيتا لهم وإظهارا لكذبهم فَادْرَؤُا اى ادفعوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ جواب الشرط محذوف يدل عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>