قيل فأى الجهاد أفضل قال (من عقر جواده وأهريق دمه) قيل فأى الرقاب أفضل قال (أغلاها ثمنا) والجهاد جهادان ظاهر وباطن فالظاهر مع الكفار والباطن مع النفس والشيطان وهذا أصعب لان الكافر ربما يرجع اما بالمحاربة او بالصلح او ببذل النفس والمال بوجه من الوجوه والشيطان لا يرجع عنك دون ان يسلب الدين: وفي المثنوى
اى شهان كشتيم ما خصم برون ... ماند خصمى روبتر در اندرون
سهل شيرى دان كه صفها بشكند ... شير آنست آنكه خود را بشكند
قال في التأويلات القاشانية وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ من الشيطان وقوى النفس الامارة وَلا تَعْتَدُوا فى قتالها بأن تميتوها عن قيامها بحقوقها والوقوف على حدودها حتى تقع في التفريط والقصور والفتور إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ لكونهم خارجين عن ظل المحبة والوحدة التي هي العدالة وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ اى أزيلوا حياتهم وامنعوهم عن أفعالهم بهواها الذي هو روحها حيث كانوا وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ مكة الصدر عند استيلائهم عليها كما أَخْرَجُوكُمْ منها باستنزالكم الى بقعة النفس وإخراجكم من مقر القلب وَالْفِتْنَةُ التي هى عبادة هواها وأصنام لذاتها وشهواتها أَشَدُّ من قمع هواها واماتتها بالكلية او محنتكم وبلاؤكم بها عند استيلائها أشد عليكم مِنَ الْقَتْلِ الذي هو اماتتها ومحوها بالكلية لزيادة الضرر والألم هناك وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ الذي هو مقام القلب اى عند الحضور القلبي إذا وافقوكم فى توجهكم فانهم اعوانكم على السلوك حينئذ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فيه وينازعوكم في مطالبه ويجروكم عن حياة القلب ودين الحق الى مقام النفس ودينهم الذي هو عبادة العجل وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ من تنازعهم وتجاذب دواعيهم وتعبدهم الهوى وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ بتوجه جميعها الى جناب القدس ومشايعها للسر في التوجه الى الحق الذي ليس للشيطان والهوى فيه نصيب فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ عليهم إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ على العادين المجاوزين عن حدودهم انتهى ما في التأويلات وقال الشيخ نجم الدين قدس سره في قوله تعالى الشَّهْرُ الْحَرامُ الآية الاشارة ان ما يفوتكم من الأوقات والأوراد بتواني النفس وغلبات صفاتها فتداركوه الشهر بالشهر واليوم باليوم والساعة بالساعة والوقت بالوقت والأوراد بالاوراد واقضوا الفائت والحقوق فكل صفة من صفات النفس إذا استولت عليكم فعالجوها بضدها البخل بالسخاوة والغضب بالحلم والحرص بالترك والشهوة بالرياضة وعلى هذا القياس واتقوا الله في افراط الاعتداء احتراز عن هلاك النفس بكثرة المجاهدات واعلموا ان الله مع المتقين بالنصرة على جهاد النفس وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الانفاق صرف المال الى وجوه المصالح والمراد بالسبيل الدين المؤدى الى ثواب الله ورحمته فكل ما امر الله به من الانفاق فى إعزاز الدين وإقامته فهو داخل في هذا لآية سواء كان في اقامة الحج او العمرة او جهاد الكفار او صلة الأرحام او تقوية الضعفاء من الفقراء والمساكين او رعاية حقوق الأهل والأولاد او غير ذلك مما يتقرب به الى الله تعالى امر تعالى بالجهاد بالمال بعد الأمر به بالنفس اى واصرفوا أموالكم فى سبيل الله ولا تمسكوا كل الإمساك وَلا تُلْقُوا الإلقاء طرح الشيء حيث تراه ثم صار