للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفساد كما قيل كسد حتى فسد عبر بالبوار عن الهلاك فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ اى فيقول الله تعالى للعبد فقد كذبكم المعبودون ايها الكفرة بِما تَقُولُونَ اى فى قولكم انهم آلهة والباء بمعنى فى فَما تَسْتَطِيعُونَ اى ما تملكون ايها المتخذون الشركاء صَرْفاً دفعا للعذاب عنكم بوجه من الوجوه لا بالذات ولا بالواسطة وَلا نَصْراً اى افرادا من افراد النصر لا من جهة أنفسكم ولا من جهة غيركم مما عبدتم وقد كنتم زعمتم انهم يدفعون عنكم العذاب وينصرونكم وَمَنْ [وهر كه] يَظْلِمْ مِنْكُمْ ايها المكلفون اى يشرك كما دل عليه قوله نُذِقْهُ [بچشانيم او را در آخرت] عَذاباً كَبِيراً هى النار والخلود فيها فان ما ترتب عليه العذاب الكبير ليس الا الظلم العظيم الذي هو الشرك وفيه وعيد ايضا لفساق المؤمنين ثم أجاب عن قولهم ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشى فى الأسواق بقوله وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ أحدا مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا رسلا إِنَّهُمْ كسرت الهمزة لوقوعها فى صدر جملة وقعت صفة لموصوف محذوف او الا قيل انهم وان تكسر بعد القول كما فى الاسئلة المقحمة لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ فلم يكن ذلك منافيا لرسالتهم فانت لا تكون بدعا منهم وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ ايها الناس لِبَعْضٍ فِتْنَةً ابتلاء ومحنة الفقراء بالأغنياء والمرسلين بالمرسل إليهم ومناصبتهم لهم العداوة وإذا هم لهم والسقماء بالاصحاء والأسافل بالاعالى والرعايا بالسلاطين والموالي بذوي الأنساب والعميان بالبصراء والضعفاء بالاقوياء قال الواسطي رحمه الله ما وجد موجود الا لفتنة وما فقد مفقود الا لفتنة أَتَصْبِرُونَ غاية للجعل اى لنعلم انكم تصبرون وحث على الصبر على ما افتتنوا به قال ابو الليث اللفظ لفظ الاستفهام والمراد الأمر يعنى اصبروا كقوله (أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ) اى توبوا وفى التأويلات النجمية وجعلنا بعضكم يا معشر الأنبياء لبعض فتنة من الأمم بان يقول بعضهم لبعض الأنبياء ائتنا بمعجزة مثل معجزة النبي الفلاني أتصبرون يا معشر الأنبياء على ما يقولون ويا معشر الأمم عما تقولون انتهى وفيه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم على ما قالوه كأنه قيل لاتتأذ بقولهم فانا جعلنا بعض الناس سببا لامتحان البعض والذهب انما يظهر خلوصه بالنار ومن النار الابتلاء وَكانَ رَبُّكَ بَصِيراً بمن يصبر وبمن يجزع قال الامام الغزالي البصير هو الذي يشاهد ويرى حتى لا يعزب عنه ما تحت الثرى وابصاره ايضا منزه عن ان يكون بحدقة وأجفان ومقدس ان يرجع الى انطباع الصور والألوان فى ذاته كما تنطبع فى حدقة الإنسان فان ذلك من التغير والتأثر المقتضى للحدوث وإذا نزه عن ذلك كان البصير فى حقه عبارة عن الوصف الذي به ينكشف كمال نعوت المبصرات وذلك أوضح واجلى مما يفهم من ادراك البصر من ظواهر المرئيات وحظ العبد من حيث الحس من وصف البصر ظاهر ولكنه ضعيف قاصر إذ لا يمتد الى ما بعد ولا يتغلغل الى باطن ما قرب بل يتناول الظواهر ويقصر عن البواطن والسرائر وانما حظه الديني منه أمران أحدهما ان يعلم انه خلق البصر لينظر الى الآيات وعجائب الملكوت والسموات فلا يكون نظره الا عبرة قيل لعيسى عليه السلام هل أحد من الخلق مثلك فقال من كان نظره عبرة وصمته فكرة وكلامه ذكرا فهو مثلى. والثاني

<<  <  ج: ص:  >  >>