صنعه وفعله فيعلمون ما فى ذلك من الحكم والمصالح قال فى برهان القرآن ختم الآية بقوله (يَتَفَكَّرُونَ) لان الفكر يؤدى الى الوقوف على المعاني المذكورة يقول الفقير لعل الوجه فى الختم به ان ادراك ما ذكر ليس مما يختص بخواص اهل التفكر وهم العلماء بل يدركه من له ادنى شىء من التفكر. والتفكر دون التذكر ولذا لم يذكر التذكر فى القرآن الا مع اولى الباب وفى الآية اشارة الى ازدواج الروح والنفس فانه تعالى خلق النفس من الروح وجعلها زوجه كما خلق حواء من آدم وجعلها زوجه لتسكن الأرواح الى النفوس كما سكن آدم الى حواء ولو لم تكن حواء لاستوحش آدم فى الجنة كذلك الروح لو لم تكن النفس خلقت منه ليسكن إليها استوحش من القالب ولم يسكن فيه وجعل بين الروح والنفس الفة واستئناسا ليسكنا فى القالب ان فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون بالكفر السليم فى الإنسان كيف أودع الله فيه سرا من المعرفة التي كل المخلوقات كانت فى الخلقية تبعا له كذا فى التأويلات النجمية وَمِنْ آياتِهِ الدالة على ما ذكر خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ على عظمتها وكثافتها وكثرة اجزائها بلا مادة فهو اظهر قدرة على إعادة ما كان حيا قبل ذلك فهذه من الآيات الآفاقية ثم أشار الى شىء من الآيات الانفسية فقال وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ اى لغاتكم من العربية والفارسية والهندية والتركية وغيرها بان جعل لكل صنف لغة قال الراغب اختلاف الالسنة اشارة الى اختلاف اللغات واختلاف النغمات فان لكل لسان نغمة يميزها السمع كما ان له صورة مخصوصة يميزها البصر انتهى فلا تكاد تسمع منطقين متساويين فى الكيفية من كل وجه: يعنى [در پست وبلند وفصاحت ولكنت وغير آن] قال وهب جميع الالسنة اثنان وسبعون لسانا منها فى ولد سام تسعة عشر لسانا وفى ولد حام سبعة عشر لسانا وفى ولد يافث ستة وثلاثون لسانا وَأَلْوانِكُمْ بالبياض والسواد والادمة والحمرة وغيرها قال الراغب فى الآية اشارة الى ان انواع الألوان من اختلاف الصور التي يختص كل انسان بهيئة غير هيئة صاحبه مع كثرة عددهم وذلك تنبيه على سعة قدرته يعنى ان اختلاف الألوان اشارة الى تخطيطات الأعضاء وهيآتها وحلاها ألا ترى ان التوأمين مع توافق موادهما وأسبابهما والأمور الملاقية لهما فى التخليق يختلفان فى شىء من ذلك لا محالة وان كانا فى غاية التشابه [اگر برين وجه نبودى امتياز بين الاشخاص مشكل بودى وبسيار از مهمات معطل ماندى] قال ابن عباس رضى الله عنهما كان آدم مؤلفا من انواع تراب الأرض ولذلك كان بنوه مختلفين منهم الأحمر والأسود والأبيض كل ظهر على لون ترابه وقابليته وتصور صورة كل رجل على صورة من أجداده الى آدم يحضر اشكالهم عند تصوير صورته فى الرحم كما أشار اليه بعض المفسرين فى قوله تعالى (فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ)
إِنَّ فِي ذلِكَ اى فيما ذكر من خلق السموات والأرض واختلاف الالسنة والألوان لَآياتٍ عظيمة فى نفسها كثيرة فى عددها لِلْعالِمِينَ بكسر اللام اى المتصفين بالعلم كما فى قوله (وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ) وخص العلماء لانهم اهل النظر والاستدلال دون الجهال المشغولين بحطام الدنيا وزخارفها فلما كان الوصول الى معرفة ما سبق ذكره انما يمكن بالعلم ختم الآية بالعالمين. وقرىء بفتح اللام ففيه اشارة الى كمال وضوح الآيات وعدم خفائها