للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من جلالك وان تطاول الزمان وامتد عمر الإنسان يا أَيُّهَا النَّبِيُّ يا رفيع القدر حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ اى بالغ فى حثهم على قتال الكفار ورغبهم فيه بوعد الثواب او التنفيل عليه. والتحريض على الشيء ان يحث الإنسان غيره ويحمله على شىء حتى يعلم منه انه ان تخلف عنه كان حارضا اى قريبا من الهلاك فتكون الآية اشارة الى ان المؤمنين لو تخلفوا عن القتال بعد حث النبي عليه السلام إياهم على القتال لكانوا حارضين مشرفين على الهلاك والحث انما يكون بعد الاقدام بنفسه ليقتدى القوم به ولهذا كان النبي عليه السلام إذا اشتدت الحرب اقرب الى العدو منهم كما قال على رضى الله عنه كنا إذا أحر البأس ولقى القوم القوم اتقينا برسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فما يكون أحد اقرب الى العدو منه: قال السلطان سليم فاتح مصر

كر لشكر عدو بود از قاف تا بقاف ... بالله كه هيچ روى نمى تابم از مصاف

چون آفتاب ظلمت كفر از جهان برم ... كاهى چوصبح تيغ برون آرم از غلاف

وفى الآية بيان فضلة الجهاد والا لما وقع الترغيب عليه وفى الحديث (ما جميع اعمال العباد عند المجاهدين فى سبيل الله الا كمثل خطاف أخذ بمنقاره من ماء البحر) إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ ايها المؤمنون عِشْرُونَ صابِرُونَ فى معارك القتال يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بيان للالف وهذا القيد معتبر فى المائتين ايضا كما ان قيد الصبر معتبر فى كل من المقامين بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ متعلق بيغلبوا اى بسبب انهم قوم جهلة بالله باليوم الآخر لا يقاتلون احتسابا وامتثالا لامر الله وإعلاء لكلمته وابتغاء لمرضاته وانما يقاتلون للحمية الجاهلية واتباع الشهوات وخطوات الشيطان واثارة ثائرة البغي والعدوان فيستحقون القهر والخذلان وهذا القول وعد كريم منه تعالى متضمن لا يجاب مقاومة الواحد للعشرة وثباته لهم. وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة فى ثلاثين راكبا فلقى أبا جهل فى ثلاثمائة راكب فهزمهم فثقل عليهم ذلك وضجوا منه بعد مدة فنسخ الله هذا الحكم بقوله الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ ففرض على الواحد ان يثبت لرجلين قال ابن عباس رضى الله عنهما من فر من ثلاثة لم يفر ومن فر من اثنين فقد فر اى ارتكب المحرم وهو كبيرة الفرار من الزحف قال الحدادي وهذا إذا كان للواحد المسلم من السلاح والقوة ما لكل واحد من الرجلين الكافرين كان فارا. واما إذا لم يكن لم يثبت حكم الفرار وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً اى ضعف البدن قال التفتازانيّ تقييد التخفيف بقوله الآن ظاهر الاستقامة لكن فى تقييد العلم به إشكال توهم انتفاء العلم بالحادث قبل وقوعه. والجواب ان العلم متعلق به ابدا اما قبل الوقوع فبانه سيقع وحال الوقوع بانه يقع وبعد الوقوع بانه وقع وقال الحدادي وعلم فى الأزل ان فى الواحد منكم ضعفا عن قتال العشرة والعشرة عن قتال المائة والمائة عن قتال الالف فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ بتيسيره وتسهيله وهذا القيد معتبر فيما سبق ايضا ترك ذكره تعويلا على ذكره هاهنا وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ بالنصر والتأييد فكيف لا يغلبون وما تشعر به كلمة مع من متبوعية مدخولها لاصالتهم من حيث انهم المباشرون للصبر دلت الآية على ان من صبر ظفر فان الصبر مطية الظفر

<<  <  ج: ص:  >  >>