للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ كناية عن شدة ندمهم فان الذي يشتد ندمه وتحسره يعض يده مسقوطا فيها كأنّ فاه وقع فيها. والمعنى ندموا على ما فعلوا من عبادة العجل غاية الندم وسقط مسند الى فى أيديهم وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا باتخاذ العجل آلها اى تبينوا بحيث تيقنوا بذلك حتى كأنهم رأوه بأعينهم قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا بانزال التوراة المكفرة وَيَغْفِرْ لَنا بالتجاوز عن الخطيئة لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ [از زيانكاران وهلاك شدكان] وما حكى عنهم من الندامة والرؤية والقول وان كان بعد ما رجع موسى عليه السلام إليهم كما ينطق به الآيات الواردة فى سورة طه لكن أريد بتقديمه عليه حكاية ما صدر عنهم من القول والفعل فى موضع واحد وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى من جبل الطور إِلى قَوْمِهِ حال كونه غَضْبانَ أَسِفاً اى شديد الغضب يقال آسفنى فاسفت اى أغضبني فغضبت ومنه قوله تعالى فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ وهو يدل على انه عليه السلام كان عالما باتخاذهم العجل آلها قبل مجيئه إليهم بسبب انه تعالى أخبره فى حال المكالمة بما كان من قومه من عبادة العجل قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي اى ساء ما عملتم خلفى ايها العبدة بعد غيبتى وانطلاقى الى الجبل لانه يقال خلفه بما يكره إذا عمل خلفه ذلك. وما نكرة موصوفة مفسرة لفاعل بئس المستكن فيه والمخصوص بالذم محذوف تقديره بئس خلافة خلفتمونيها من بعد خلافتكم أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ الهمزة للانكار اى أتركتموه غير تام كأنه ضمن عجل معنى سبق وإلا فعجل يتعدى بعن يقال عجل عن الأمر إذا تركه غير تام ونفيضه تم عليه. والمعنى أعجلتم عن امر ربكم وهو انتظار موسى حافظين لعهده وما وصاكم به الى ان يجيىء. فالامر واحد الأوامر او انه بمعنى المأمور به. والعجلة العمل بالشيء قبل وقته ولذلك صارت مذمومة بخلاف السرعة فانها غير مذمومة لكونها عبارة عن العمل بالشيء فى أول وقته وفى التأويلات النجمية استعجلتم يا صفات الروح بالرجوع الى الدنيا وزينتها والتعلق بها قبل أوانه من غير ان يأمر به ربكم وفيه اشارة الى ان ارباب الطلب واصحاب السلوك لا ينبغى ان يلتفتوا الى شىء من الدنيا ولا يتعلقوا بها فى أثناء الطلب والسلوك لئلا ينقطعوا عن الحق اللهم الا إذا قطعوا مفاوز النفس والهوى ووصلوا الى كعبة وصال المولى فلهم ان يرجعوا الى الدنيا لدعوة الخلق الى المولى وتسليكهم فى طريق الدنيا والعقبى وَأَلْقَى الْأَلْواحَ التي كانت فيها التوراة من يده وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ

اى بشعر رأس هارون حال كونه اى موسى يَجُرُّهُ إِلَيْهِ [بطرف خود كشيد او را بطريق معاتبه نه از روى اهانت] توهما انه قصر فى كفهم وهارون كان اكبر منه بثلاث سنين وكان حمولا لينا ولذلك كان أحب الى بنى إسرائيل قالَ اى هارون مخاطبا لموسى ابْنَ أُمَّ بحذف حرف النداء وأصله يا ابن اما حذفت الالف المبدلة من الياء اكتفاء بالفتحة زيادة فى التخفيف لطوله باشتماله على اضافة بعد اضافة وكان هارون أخاه لاب وأم ولكنه ذكر الام ليرفقه عليه اى يحمله على الرفق والشفقة وعلى هذا طريق العرب إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي ازاحة لتوهم التقصير فى حقه. والمعنى بذلت وسعى فى كفهم حتى قهرونى واستضعفوني

<<  <  ج: ص:  >  >>