للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالفراق وقال الراغب اصل التوديع من الدعة وهو أن يدعو للمسافر بأن يتحمل الله عنه كآية السفر وان يبلغه الدعة والخفض كما ان التسليم دعاء له بالسلامة فصار ذلك متعارفا فى تشييع المسافر وتركه وعبربه عن الترك فى الآية والمعنى ما قطعك قطع المودع وما تركك بالحط عن درجة الوحى والقرب والكرامة ففيه استعارة تبعية واشارة الى ان الرب لا يترك المربوب وَما قَلى اى وما أبغضك والإبغاض دشمن داشتن. والقلى شدة البغض يقال قلا زيدا يقلوه أبغضه من القلو وهو الرمي كما يقال قلت الناقة براكبها رمت به فكان المقلو هو الذي يقذفه القلب من بغضه فلا يقبله وقلاه وقليه يقليه ويقلاه أبغضه وكرهه غاية الكراهة فتركه او قلاه فى الهجر وقليه فى البغض كما فى القاموس فمن جعله من اليائى فمن قليت البسر والسويق على المقلى كما فى المفردات ولعل عطف وما قلى من عطف السبب على المسبب لافادة التعليل وحذفت الكاف من قلاك لدلالة الكلام عليه ولمراعاة الفواصل (روى) ان الوحى تأخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة عشر يوما لتركه الاستثناء وذلك ان مشركى قريش أرسلوا الى يهود المدينة وسألوهم عن امر محمد عليه السلام فقالت لهم اليهود سلوه عن اصحاب الكهف وعن قصة ذى القرنين وعن الروح فان أخبركم عن قصة أهل الكهف وقصة ذى القرتين ولم يخبركم عن امر الروح فاعلموا انه صادق فجاءه المشركون وسألوه عنها فقال عليه السلام لهم ارجعوا سأخبركم غدا ولم يقل ان شاء الله فاحتبس الوحى عنه أياما فقال المشركون ان محمدا ودعه ربه وقلاه او ان جبريل ابطأ فشكا عليه السلام ذلك الى خديجة فقالت خديجة لعل ربك قد قلاك فنزل جبريل بقوله تعالى ولا تقولن لشئ انى فاعل ذلك غدا الا ان يشاء الله فاخبره بما سئل عنه وقد سبق فى سورة الكهف ونزل ايضا بقوله تعالى ما دعك ربك وما قلى ردا على المشركين وتبشيرا له عليه السلام بأن الحبيب لا يقلى الحبيب وانه تعالى يواصله بالوحى والكرامة فى الدنيا مع ان ما سيؤتيه فى الآخرة أجل وأعظم من ذلك ما تنبئ عنه الآية الآتية (وروى) ان جروا دخل البيت فدخل تحت السرير فمات فمكث نبى الله أياما لا ينزل عليه الوحى فقال لخادمته خولة يا خولة ما حدث فى بيتي ان جبريل لا يأتينى قالت خولة فكنست البيت فأهويت بالمكنسة تحت السرير فاذا جروميت فأخذته فالقيته خلف الجدار فجاء نبى الله ترتعد لحياه وكان إذا نزل عليه الوحى استقبلته الرعدة فقال يا خولة دثرينى فانزل الله هذه السورة فلما نزل جبريل سأله النبي عليه السلام عن سبب تأخيره فقال اما علمت انا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة وقيل غير ذلك وفيه اشارة الى انه عليه السلام وقع منه ما هو ترك الاولى ولذا لم يكن ممقوتا ولا مبغوضا وانما احتبس عنه الوحى للتربية والإرشاد وفى التأويلات النجمية ما ودعك ربك بقطع فيض النبوة والرسالة عن ظاهرك وما قلى بقطع فيض الولاية عن باطنك وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولى

لما انها باقية صافية عن الشوائب على الإطلاق والاولى اى الدنيا لانها خلقت قبل الآخرة فانية مشوبة بالمضار فالمراد بالآخرة والاولى كراماتهما واللام فى وللآخرة لام الابتداء المؤكدة لمضمون الجملة وفى التأويلات النجمية يعنى احوال

<<  <  ج: ص:  >  >>