ومنها ان فى أولاد آدم من هو فى صورة آدم لكنه فى صفة إبليس وانهم شياطين الانس واماراتهم انهم يتخذون إبليس وذريته اولياء من دون الله فيطيعون الشيطان ولا يطيعون الرحمن ويتبعون ذرية الشيطان ولا يتبعون ذرية آدم من الأنبياء والأولياء ولا يفرقون بين الأولياء والأعداء فبجهلهم يظلمون على أنفسهم ويبدلون الله وهو وليهم بالشياطين وهم لهم عدو واولياء الله تعالى هم الذين لا يبدلون الله تعالى بما سواه ويتخذون ما سواه عدوا كما قال ابراهيم خليل الله فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ لانه رأى صحة الخلة مع الله فى صحة العداوة مع ما سواه ومنها ان اخباره تعالى بانه ما اشهد الشياطين خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم دليل على انه يشهد بعض أوليائه على ما لم يشهد أعداءه فيبصر بنوره الأزلي ابتداء تعلق قدرته ببعض الأشياء المعدومة وكيفية إخراجها من العدم الى الوجود واما قول اهل النظر لا يبحث عن كيفية وجود الباري تعالى وكيفية تعلق القدرة بالمعدومات وكيفية العذاب بعد الموت ونحو ذلك فلا ينافيه إذ المستبعد عند العقل الجزئى مستقرب عند الكشف الكلى وكلامنا مع اهل الكشف لا مع غيره: قال الصائب
سخن عشق با خرد گفتن ... بررك مرده نيشتر زدنست
وفى المثنوى
اى كه برد عقلى هديه با اله ... عقل اينجا كمترست از خاك راه
وَيَوْمَ يَقُولُ اى يوم يقول الله للكفار توبيخا وتعجيزا وهو يوم القيامة وقال بعضهم يقول على ألسنة الملائكة يقول الفقير الأظهر هو الاول لانه قد ثبت ان الله تعالى يتجلى يوم القيامة للخلق مسلمهم وكافرهم بصورشتى حتى يرونه بحسب ما اعتقدوه فى هذه الدار فلا يبعد كلامه معهم ايضا لانه كلام بالعيب والتوبيخ لا بالرضى والتشريف كما كلم إبليس بعد اللعن والطرد على ما سبق فى سورة الحجر ونحوها نادُوا شُرَكائِيَ أضافهم اليه على زعمهم تهكما بهم وتقريعا لهم الَّذِينَ زَعَمْتُمْ ادعيتم انهم شفعاؤكم ليشفعوا لكم والمراد بهم كل من عبد من دونه تعالى فَدَعَوْهُمْ اى نادوهم للاعانة ذكر كيفية دعوتهم فى آية اخرى قالوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ فلم يغيثوهم اى لم يدفعوا عنهم ضرا ولا أوصلوا إليهم نفعا إذ لا إمكان لذلك فهو لا ينافى اجابتهم صورة ولفظا كما قال حكاية عن الأصنام انها تقول ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ وفيه اشارة الى ان امتثال او امره ونواهيه ينفع العبد إذا كان فى الدنيا قبل موته وبثمره فى الآخرة فاما إذا كان فى الآخرة فلا ينفعه الايمان والأعمال فان قوله نادُوا شُرَكائِيَ امر من الله تعالى وقد امتثلوا امره بقوله فَدَعَوْهُمْ فلم ينفعهم الامتثال لان الشركاء فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ بين الداعين والمدعوين مَوْبِقاً اسم مكان او مصدر من وبق وبوقا كوثب وثوبا او وبق وبقا كفرح فرحا إذ أهلك مهلكا يشتركون فيه وهو النار او عداوة هى فى الشدة نفس الهلاك وقال الفراء وَجَعَلْنا تواصلكم فى الدنيا هلاكا فى الآخرة فالبين على هذا القول التواصل كقوله تعالى لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ على قراءة من قرأ بالرفع ومفعول