للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حق المؤمنين الى ان خرج روحه لعنه الله فصار أشد من فرعون فليعتبر العاقل بهذا وليقس عليه كل من سلك مسلكه فى الكفر والظلم والعناد فنعوذ بالله رب العباد من كل شر وفساد ثم ان الله تعالى أهلك العدو وأنجى بنى إسرائيل وذلك لصدق ايمانهم وبركة يقينهم- كما يحكى- انه صاح رجل فى مجلس الشبلي قدس سره فطرحه فى دجلة فقال ان صدق ينجه صدق كما نجا موسى وان كذب غرق كما غرق فرعون كما فى ربيع الأبرار. فدل على ان النجاة فى الايمان والعدل والصدق. والهلاك فى الكفر والظلم والكذب ولما كذب فرعون فى دعوى الربوبية واستمر على إضلال الناس دعا عليه موسى كما سبق فاستجاب الله دعاءه ولا كلام فى تأثير الدعاء مطلقا- يحكى- ان معاوية استجاب الله دعاء فى حق ابنه يزيد وذلك انه ليم على عهده الى يزيد فخطب وقال اللهم ان كنت انما عهدت ليزيد لما رأيت من فعله فبلغه ما أملته وأعنه وان كنت انما حملنى حب الوالد لولده وانه ليس لما صنعت به أهلا فاقبضه قبل ان يبلغ ذلك فكان كذلك لان ولايته كانت سنة ستين ومات سنة اربع وستين كما فى الصواعق لابن حجر. والحاصل ان الآفاق والأنفس مملوءة بالآيات والعبر فمن له عين مبصرة واذن واعية يرى الآثار المختلفة ويسمع الاخبار المتواترة فيعتبر اعتبارا الى ان يأتى اليقين ويسلم من آثار القهر المتين ولا يكون عبرة للغير بما اقترفه كل حين وَلَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ اى اسكناهم وأنزلناهم بعد ما أنجيناهم وأهلكنا أعداءهم فرعون وقومه مُبَوَّأَ صِدْقٍ منزلا صالحا مرضيا ومكانا محمودا وهو الشام ومصر فصاروا ملوكا بعد الفراعنة والعمالقة وتمكنوا فى نواحيها. ومبوأ اسم مكان وصف بالصدق مدحا له فان عادة العرب إذا مدحت شيأ إضافته الى الصدق تقول رجل صدق قال الله تعالى رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ اى اللذائذ من الثمار وغيرها من المن والسلوى كما فى التبيان فَمَا اخْتَلَفُوا فى امور دينهم حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ اى الامن بعد ما قرأوا التوراة وعلموا أحكامهم وما هو الحق فى امر الدين ولزمهم الثبات عليه واتحاد الكلمة فيه يعنى انهم تشعبوا فى كثير من امور دينهم بالتأويل طلبا للرياسة وبغيا من بعضهم على بعضهم حتى أداهم ذلك الى القتال كما وقع مثله بين علماء هذه الامة حيث افترقوا على الفرق المختلفة وأولوا القرآن على مقتضى اهوائهم كالمعتزلة وغيرها من اهل الأهواء وفيهم من يقول بالظاهر: وفى المثنوى

كرده تأويل حرف بكر را ... خويش را تأويل كن نى ذكر را

بر هوا تأويل قرآن ميكنى ... پست وكژ شد از تو معنىء سنى

او المراد ببني إسرائيل معاصروا النبي عليه السلام كقريظة والنضير وبنى قينقاع أنزلهم الله ما بين المدينة والشام من ارض يثرب ورزقهم من النخل وما فيها من الرطب والتمر الذي لا يوجد مثله فى البلاد فما اختلفوا فى امر محمد عليه السلام الا من بعد ما علموا صدق نبوته وتظاهر معجزاته فآمن به بعضهم كعبد الله بن سلام وأصحابه وكفر آخرون وقال ابن عباس رضى الله عنهما المراد بالعلم القرآن العظيم وسمى القرآن علما لكونه سبب العلم وتسمية السبب باسم المسبب مجاز مشهور إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ [حكم كند ميان ايشان] يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ فيميز المحق من المبطل بالاثابة والتعذيب واما فى الدنيا فيجرون على

<<  <  ج: ص:  >  >>