قال ابو العيناء كانت لى خصماء ظلمة فشكوتهم الى احمد بن ابى دؤاد وقلت قد تظاهروا فصاروا يدا واحدة فقال يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فقلت لهم مكر فقال وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فقلت هم كثير فقال كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ
هر كرا اقبال باشد رهنمون ... دشمنش كردد بزودى سر نكون
وجد فى وقائع الإسكندر مكتوبا بالذهب إذا كان الله هو غاية الغايات فالمعرفة به أجل العبادات وإذا كان الموت حقا فالركون الى الدنيا غرور. وإذا كان القدر حقا فالحرص على الدنيا باطل وإذا كان الغدر فى النفوس طبعا فالثقة بكل أحد عجز. وإذا كان الله عدلا فى أحكامه فعقوبات الخلق بما كسبت أيديهم. ولما قصد ابو جهل إضرار النبي عليه السلام بالقتل قتله الله فى بدر وأزال شره عن المسلمين وذلك عدل محض منه تعالى فانظر الى قريش حيث شاهدوا الآيات العظام من جهة النبي عليه السلام فما زادوا الا كفرا وعنادا وعداوة فهم أشد الناس فى ذلك. ولو رأى اليوم واحد من الكفرة كرامة لولى امسك عن الأذى بل سارع الى التبجيل كما حكى ان بعض سلاطين الكفار استولى على بعض المسلمين بسفك دمائهم ونهب أموالهم وأراد ان يقتل فقراء بعض المشايخ فاجتمع به الشيخ ونهاه عن ذلك فقال لهم السلطان ان كنتم على الحق فاظهروا لى آية فاشار الشيخ الى بعر الجمال هناك فاذا هى جواهر تضىء وأشار الى كيزان الأرض فارغة عن الماء فتعلقت فى الهواء وامتلأت ماء وأفواهها منكسة الى الأرض ولا يقطر منها قطرة فدهش السلطان من ذلك فقال له بعض جلسائه لا يكبر هذا فى عينك فانه سحر فقال له السلطان أرني غير هذا فامر الشيخ بالنار وامر الفقراء بالسماع فلما عمل فيهم الوجد دخل بهم الشيخ الى النار وكانت نارا عظيمة ثم خطف الشيخ ولد السلطان ودار به فى النار ثم غاب به ولم يدر اين ذهبا والسلطان حاضر فبقى متفجعا على ولده فلما كان بعد ساعة ظهرا وفى احدى يدى ابن السلطان تفاحة وفى الاخرى رمانة فقال له السلطان اين كنت فقال كنت فى بستان فاخذت منه هاتين الحبتين وخرجت فتحير السلطان من ذلك فقال له جلساء السوء وهذا عمل بصنعة باطلة فقال السلطان عند ذلك كل ما تظهره لا اصدق به حتى تشرب من هذه الكأس واخرج له كأسا مملوءة سما تقتل القطرة منه فى الحال فامر الشيخ بالسماع حتى وصل اليه الحال فاخذ الكأس حينئذ وشرب جميع ما فيها فتمزقت ثيابه التي عليه فالقوا اليه ثيابا اخرى فتمزقت كذلك ثم اخرى مرارا عديدة ثم ترشح عرقا وبقيت الثياب بعد ذلك ولم تتقطع فاعتقه السلطان وعظمه وبجله ورجع عن ذلك القتل والإفساد ولعله اسلم والله اعلم وَإِذا تُتْلى - روى- ان النضر بن الحارث من بنى عبد الدار كان يختلف تاجرا الى فارس والروم والحيرة فيسمع اخبار رستم وإسفنديار وأحاديث العجم واشترى أحاديث كليلة ودمنة وكان يمر باليهود والنصارى فيراهم يقرأون التوراة والإنجيل ويركعون ويسجدون فجاء مكة فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى ويقرأ القرآن فطفق يقعد مع المستهزئين وهو منهم ويقرأ عليهم أساطير الأولين اى ما سطروه فى كتبهم من اخبار الأمم الماضية واسمائهم وكان يزعم انها مثل ما يذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم من قصص الأولين فقال تعالى وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ