متجاوزين الله تعالى لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا اى ليتعز زوابهم بان يكونوا لهم وصلة اليه تعالى وشفعاء عنده وأنصارا ينجون بهم من عذاب الله قال بعضهم كيف تظفر بالعز وأنت تطلبه فى محل الذل ومكانه إذ ذللت نفسك بسؤال الخلق ولو كنت موفقا لا عززت نفسك بسؤال الحق او بذكره او بالرضى لما يرد عليك منه فتكون عزيزا فى كل حال دنيا وآخرة كَلَّا ليس الأمر على ما ظنوا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ سينكر الكفرة حين شاهدوا سوء عاقبة كفرهم عبادتهم لهم وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا اعداء للآلهة كافرين بها بعد ان كانوا يحبونها كحب الله ويعبدونها وقال فى تفسير الجلالين سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ اى يجحدونها لانهم كانوا جمادا لم يعرفوا انهم يعبدون ويكونون عليهم ضدا اى أعوانا وذلك ان الله تعالى يحشر آلهتهم فينطقهم ويركب فيهم العقول فتقول يا رب عذب هؤلاء الذين عبدونا من دونك انتهى فالضمير فى يكفرون ويكونون للآلهة أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ اى سلطناهم عليهم بسبب سوء اختيارهم حال كون تلك الشياطين تَؤُزُّهُمْ أَزًّا اى تغربهم وتهيجهم على المعاصي تهييجا شديدا بانواع الوساوس والتسويلات فان الاز والهز والاستفزاز أخوات معناها شدة الإزعاج وفى العيون الاز فى الأصل هو الحركة مع صوت متصل من ازيز القدر اى غليانه والمراد تعجيب رسول الله عليه السلام من أقاويل الكفرة وتماديهم فى الغى والانهماك فى الضلال والافراط فى العناد والإجماع على موافقة الحق بعد اتضاحه وتنبيه على ان جميع ذلك منهم بإضلال الشياطين واغوائهم لا لان له مسوغا فى الجملة فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ اى بان يهلكوا حسبما تقضيه جناياتهم حتى تستريح أنت والمؤمنون من شرورهم وتطهر الأرض من فسادهم يقال عجلت عليه بكذا إذا استعجلته منه إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ ايام آجالهم عَدًّا اى لا تعجل بهلاكهم فانه لم يبق لهم الا ايام محصورة وأنفاس معدودة فيجازيهم بها وكان ابن عباس رضى الله عنهما إذا قرأها بكى وقال آخر العدد خروج نفسك آخر العدد فراق أهلك آخر العدد دخول قبرك وكان ابن السماك رحمه الله عند المأمون فقرأها فقال إذا كانت الأنفاس بالعدد ولم يكن لها مدد فما اسرع ما تنفذ قال أعرابي كيف تفرح بعمر تقطعه الساعات وسلامة بدن تعرض للآفات قال العلامة الزمخشري استغنم تنفس الاجل وإمكان العمل واقطع ذكر المعاذير والعلل فانك فى أجل محدود وعمر ممدود قال المنصور لما حضرته الوفاة بعنا الآخرة بنومة قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر من حافظ على الأنفاس فالساعات فى حكمه الى ما فوق ذلك ومن كان وقته الساعات فاتته الأنفاس ومن كان وقته الأيام فاتته الساعات ومن كان وقته الجمعة فاتته الأيام ومن كان وقته الشهور فاتته الأسابيع ومن كان وقته السنون فاتته الشهور ومن كان وقته العمر فاتته السنون ومن فاته عمره لم يكن له وقت ولم تعد همته بهمة على نفسه فليبك من ضاع عمره ويطول الوقت ويقصر بحسب حضور صاحبه فمنهم من وقته ساعة ويوم وجمعة وشهر وسنة ومرة واحدة فى عمره ومن الناس من لا وقت له لغلبة بهيميته عليه واستغراقه فى الشهوات: قال المولى الجامى