رموهن من الزنى إِلَّا أَنْفُسُهُمْ يدل من شهداء جعلوا من جملة الشهداء إيذانا من أول الأمر بعدم إلقاء قولهم بالمرة ونظمها فى سلك الشهادة فى الجملة فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ اى شهادة كل واحد منهم وهو مبتدأ خبره قوله أَرْبَعُ شَهاداتٍ اى فشهادتهم المشروعة اربع شهادات بِاللَّهِ متعلق بشهادات إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ اى فيما رماها به من الزنى وأصله على انه إلخ فحذف الجار وكسرت ان وعلق العامل عنها للتأكيد وَالْخامِسَةُ اى الشهادة الخامسة للاربع المتقدمة اى الجاعلة لها خمسا بانضمامها إليهن وهى مبتدأ خبره قوله أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ اللعن طرد وابعاد على سبيل السخط وذلك من الله فى الآخرة عقوبة وفى الدنيا انقطاع من قبول فيضه وتوفيقه ومن الإنسان دعاء على غيره قال بعضهم لعنة الكفار دائمة متصلة الى يوم القيامة ولعنة المسلمين معناها البعد من الخير والذي يعمل معصية فهو فى ذلك الوقت بعيد من الخير فاذا خرج من المعصية الى الطاعة يكون مشغولا بالخير إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ فيما رماها به من الزنى فاذا لاعن الرجل حبست الزوجة حتى تعترف فترجم او تلاعن وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ اى يدفع عن المرأة المرمية العذاب الدنيوي وهو الحبس المغيا على أحد الوجهين بالرجم الذي هو أشد العذاب يقال درأ دفع وفى الحديث (ادرأوا الحدود بالشبهات) تنبيها على تطلب حيلة يدفع بها الحد أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ اى الزوج لَمِنَ الْكاذِبِينَ فيما رمانى به من الزنى وَالْخامِسَةَ بالنصب عطفا على اربع شهادات أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها الغضب ثوران دم القلب ارادة الانتقام ولذلك قال عليه السلام (اتقوا الغضب فانه جمرة توقد فى قلب ابن آدم ألم تروا الى انتفاخ أوداجه وحمرة عينيه) فاذا وصف الله به فالمراد الانتقام دون غيره إِنْ كانَ اى الزوج مِنَ الصَّادِقِينَ اى فيما رمانى به من الزنى وتخصيص الغضب بجانب المرأة للتغليظ عليها لما انها مادة الفجور ولان النساء كثيرا ما يستعمل اللعن فربما يجترئ على التفوه به لسقوط وقعه على قلوبهن بخلاف غضبه تعالى والفرقة الواقعة باللعان فى حكم التطليقة البائنة عند ابى حنفة ومحمد رحمهما الله ولا يتأبد حكمها حتى إذا كذب الرجل نفسه بعد ذلك فحدّ جاز له ان يتزوّجها وعند ابى يوسف وزفر والحسن بن زياد والشافعي هى فرقة بغير طلاق توجب تحريما مؤبد أليس لهما اجتماع بعد ذلك ابدا وإذا لم يكن الزوج من اهل الشهادة بان كان عبدا او كافرا بان أسلمت امرأته فقذفها قبل ان يعرض عليه السلام او محدودا فى قذف وهى من أهلها حد الزوج ولا لعان لعدم اهلية اللعان وبيان اللعان مشبعا موضعه الفقه فليطلب هناك وكذا القذف وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ جواب لولا محذوف لتهويله والاشعار بضيق العبارة عن حصره كأنه قيل لولا تفضله عليكم ورحمته ايها الرامون والمرميات وانه تعالى مبالغ فى قبول التوبة حكيم فى جميع أفعاله وأحكامه التي من جملتها ما شرع لكم من حكم اللعان لكان ما كان مما لا يحيط به نطاق البيان ومن جملته انه تعالى لو لم يشرع لهم ذلك لوجب على الزوج حد القذف مع ان الظاهر صدقه لانه اعرف بحال زوجته وانه لا يفترى عليها لاشتراكهما فى الفضاحة وبعد ما شرع لهم ذلك لو جعل شهاداته موجبة لحدّ القذف عليه