عنها الاصحاب اليمين من السعداء الذين تجردوا عن الهيئات الجسدانية وخلصوا الى مقام الفطرة ففكوا رقابهم من الرهن فِي جَنَّاتٍ كأنه قيل ما بال اصحاب اليمين فقيل هم فى جنات لا يكتنه كنهها ولا يوصف وصفها كما دل عليه التنكير والمراد ان كلا منهم ينال جنة منها يَتَساءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ تفاعل هنا بمعنى فعل اى يسألون المجرمين عن أحوالهم وقد حذف المسئول لكونه عين المسئول عنه ولدلالة ما بعده عليه (يروى) ان الله يطلع اهل الجنة وهم فى الجنة حتى يرون اهل النار وهم فى النار فيسألونهم ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ مقدر بقول هو حال مقدرة من فاعل يتساءلون اى قائلين اى شىء أدخلكم فيها وكان سببا لدخولكم من سلكت الخيط فى الابرة سلكا اى أدخلته فيها فهو من السلك بمعنى الإدخال لا من السلوك بمعنى الذهاب فان قلت لم يسألونهم وهم عالمون بذلك قلت توبيخا لهم وتحسيرا ولتكون حكاية الله ذلك فى كتابه تذكرة للسامعين قرأ ابو عمر وسلكم بإدغام الكاف فى الكاف والباقون بالإظهار قالُوا اى المجرمون مجيبين للسائلين لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ للصلوات الواجبة فعدم إقرارنا بفرضية الصلاة وعدم ادائها سلكنا فيها أصله نكن حذف النون للتخفيف مع كثرة الاستعمال وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ على معنى استمرار نفى الإطعام لا على نفى استمرار الإطعام والمراد ايضا الإطعام الواجب والا فما ليس بواجب من الصلاة والإطعام لا يجوز التعذيب على تركه وكانوا يقولون أنطعم من لو يشاء الله أطعمه فكانوا لا يرحمون المساكين بالاطعام ولا يحضون عليه ايضا كما سبق ففيه ذم للبخل ودلالة على ان الكفار مخاطبون بالفروع فى حق المؤاخذة قال فى التوضيح الكفار مخاطبون بالايمان والعقوبات والمعاملات اجماعا اما العبادات فهم مخاطبون بها فى حق المؤاخذة فى الآخرة اتفاقا ايضا لقوله تعالى ما سلككم فى سقر الآيات اما فى حق وجوب الأداء فمختلف فيه قال العراقيون من مشايخنا نعم وقال مشايخ ديارنا لا وفى بعض التفاسير وللحنفى ان يقول هذا انما هو تأسف منهم على تفريطهم فى كسب الخير وحرمانهم مما ناله المصلون والمزكون من المؤمنين ولا يلزم من ذلك ان يكونوا مأمورين بالعمل قبل الايمان وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ اى نشرع فى الباطل مع الشارعين فيه والمراد بالباطل ذم النبي عليه السلام وأصحابه رضى الله عنهم وغببتهم وقولهم بانه شاعر او ساحر او كاهن وغير ذلك والخوض فى الأصل بمعنى الشروع مطلقا فى اى شىء كان ثم غلب فى العرف بمعنى الشروع فى الباطل والقبيح وما لا ينبغى وفى الحديث اكثر الناس ذنوبا يوم القيامة أكثرهم خوضا فى معصية الله وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ اى بيوم الجزاء أضافوه الى الجزاء مع ان فيه من الدواهي والأهوال ما لا غاية له لانه ادهاها وانهم ملابسوه وقد مضت بقية الدواهي وتأخير جنايتهم هذه مع كونها أعظم من الكل إذ هو تكذيب القيامة وإنكارها كفر والأمور الثلاثة المتقدمة فسق لتفخيمها والترقي من القبيح الى القبيح كأنهم قالوا وكنا بعد ذلك كله مكذبين بيوم الدين ولبيان كون تكذيبهم به مقارنا لسائر جناياتهم المعدودة مستمرا الى آخر عمرهم حسبما ينطق به قولهم حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ اى الموت ومقدماته فانه امر متيقن لا شك فى إتيانه وبالفارسية