إذا نزلت سلمى بواد فماؤه ... زلال وسلسال وجثجاثه ورد
ولم يزل يخضر مواطئ أقدام رجال الله فى الصحارى والجبال من بركات حالاتهم مع الله الملك المتعال. ثم ان بعض المفسرين حمل بورك على التحية كما قال الكاشفى [بركت داده باد] وبعضهم حمل من فى النار على الملائكة وذلك ان النور الذي بان قد بارك فيه وفى الملائكة الذين كانوا فى ذلك النور وقال بعض العارفين ان الله أراد بمن فى النار ذاته المقدسة وهو الذي أفاض بركة مشاهدته على موسى وله تعالى ان يتجلى بوصف النار والنور والشجرة والطور وغيرها مما يليق بحال العاشق مع تنزه ذاته وصفاته عن الجهة فى الحقيقة وفى الحديث (ان الله يرى هيئة ذاته كيف يشاء) وَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ من تمام ما نودى به لئلا يتوهم من سماع كلامه تشبيها وللتعجيب من عظمة ذلك الأمر: وبالفارسية [پاكست خداى تعالى پروردگار عالميان ز تشبيه آورده اند كه چون موسى اين ندا شنيد كفت ندا كننده كيست باز ندا آمد كه] يا مُوسى إِنَّهُ اى الشان أَنَا اللَّهُ جملة مفسرة للشان الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ اى القوى القادر على ما يبعد من الأوهام الفاعل كل ما يفعله بحكمة وتدبير تام قال فى الاسئلة المقحمة قوله (إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ) سمعه من الشجرة فدل ذلك على حدوثه لان المسموع من الجهات علامة الحدوث والجواب نحن ننزه كلام الله تعالى عن الجهة والمكان كما نحن ننزه ذاته عن الجهة والمكان فكذلك ننزه كلامه عن الأصوات والحروف وانما كان سماع كلام الله لموسى حصل من جانب الشجرة فالشجرة ترجع الى سماع موسى لا الى الله تعالى فان قلت كيف سمع موسى كلام الله من غير صوت وحرف وجهة قلت ان كان هذا سؤالا عن كيفية الكلام فهذا لا يجوز فان سؤال الكيفية محال فى ذات الله وصفاته إذ لا يقال كيف ذاته من غير جسم وجوهر وعرض وكيف علمه من غير كسب وضرورة وكيف قدرته من غير صلابة وكيف إرادته من غير شهوة وامنية وكيف تكلمه من غير صوت وحرف وان كان سؤال الكيفية عن سماع موسى قلنا خلق الله لموسى علما ضروريا علم به ان الذي سمعه هو كلام الله القديم الأزلي من غير حرف ولا صوت ولا جهة وقد سمعه من الجوانب الستة فصار جميع جوارحه كسمعه اى صار الوجود كله سمعا ثم يصير فى الآخرة كذلك والكامل الواصل له حكم الآخرة فى الدنيا وَأَلْقِ عَصاكَ عطف على بورك اى نودى ان بورك من فى النار وان الق عصاك وفى التأويلات النجمية يشير الى ان من سمع نداء الحق وشاهد أنوار جماله يلقى من يد همته كل ما كان متوكأه غير الله فلا يتوكأ الأعلى فضل الله وكرمه
تكيه بر غير خدا كفريست از كفر طريق ... جز بفضل حق مكن تكيه درين ره اى رفيق
فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ الفاء فصيحة تفصح عن جملة محذوفة كأنه قيل فالقاها فانقلبت حية تسعى فلما أبصرها تتحرك بحركة شديدة وتذهب الى كل جانب حال كونها كَأَنَّها جَانٌّ حية خفيفة سريعة فشبه الحية العظيمة المسماة: بالفارسية [اژدها] بالجان فى سرعة الحركة والالتواء والجان ضرب من الحيات اى حية كحلاء العين لا تؤذى كثيرة فى الدور كما فى القاموس وقال ابو الليث الصحيح ان الثعبان كان عند فرعون والجان عند الطور وفيه اشارة الى ان كل متوكأ غير الله فى الصورة ثعبان له فى المعنى ولهذا جاء فى المثنوى