للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختصاص العلم بقبول النصح إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ لاختصاصه بالتمرد وتمرد النارية والجهل الذي هو مركوز فيه ولحسبانه انه عالم إذ قالَ له ربه يا إِبْلِيسُ ما لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ اى ما حجتك فى الامتناع عن السجود قالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ اى حجتى انك خلقتنى من نار وهى جوهر لطيف نورانى علوى وخلقته من طين وهو كثيف ظلمانى سفلى فانا خير منه بهذا الدليل فاشار بهذا الاستدلال الى ان آدم لا ينبغى ان يسجد له لفضله عليه ومن غاية جهالته وسخافة عقله يشم من نتن كلامه ان الله اخطأ فيما امره وامر الملائكة من السجود لآدم وحسب ان الله جعل استحقاق آدم لسجود الملائكة فى بشرية آدم وخلقته من الطين وهو بمعزل عما جعل الله استحقاقه للسجود فى سر الخلافة المودعة فى روحه المشرف بشرف الاضافة الى حضرته المختص باختصاص نفخته المتعلم للاسماء كلها المستعد لتجلى جماله وجلاله فيه ومن هاهنا قيل لابليس انه اعور لانه كان بصيرا بإحدى عينيه التي يشاهد بها بشرية آدم وما أودع فيها من الصفات الذميمة الحيوانية السبعية المذمومة المتولد منها الفساد وسفك الدماء وانه كان أعمى بإحدى عينيه التي يشاهد بها سر الخلافة المودع فى روحانيته وما كرم به من علم الأسماء والنفخة الخاصة وشرف الاضافة الى نفسه وغير ذلك من الاصطفاء والاجتباء قال حضرة شيخى وسندى فى بعض تحريراته الأرض وحقائق الأرض فى الطمأنينة والإحسان بالوجود لذلك لا يزال ساكنا وسكونا وساكتا وسكوتا لفوزه بوجود مطلوبه فكان أعلى مرتبة العلو فى عين السفل وقام بالرضى المتعين من قلب الأرض فمقامه رضى وحاله تسليم ودينه اسلام انتهى ويشير الى سر كلام حضرة الشيخ قول من قال

أرس را در بيابان جوش باشد ... بدريا چون رسد خاموش باشد

: وقول الصائب ايضا

عاشقانرا تا فنا از شادى وغم چاره نيست ... سيل را پست وبلندى هست تا دريا شدن

قالَ الله تعالى فَاخْرُجْ مِنْها امر اهانة وابعاد كما فى قوله تعالى قالَ فَاذْهَبْ والضمير للجنة وخروجه منها لا ينافى دخولها بطريق الوسوسة وكذا يستلزم خروجه من السموات ايضا ومن زمرة الملائكة المقربين ومن الخلقة التي كان عليها وهى الصورة الملكية وصفاتها كما هو شأن المطرودين المغضوبين وقد كان يفتخر بخلقته فغير الله خلقته فاسود بعد ما كان ابيض وقبح بعد ما كان حسنا واظلم بعد ما كان نورانيا قال ابو القاسم الأنصاري ان الله باين بين الملائكة والجن والانس فى الصور والاشكال فان قلب الله تعالى الملك الى بنية الإنسان ظاهرا وباطنا خرج عن كونه ملكا وقس عليه غيره فَإِنَّكَ رَجِيمٌ من الرجم بالحجر اى الرمي به وهو كناية عن الطرد لان من يطرد يرجم بالحجارة على اثره اى مطرود من رحمة الله ومن كل خير وكرامة او من الرجم بالشهب وهو كناية عن كونه شيطانا اى من الشياطين الذين يرجمون بالشهب وهو وعيد يتضمن الجواب عن شبهته فان من عارض النص بالقياس فهو رجيم ملعون وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ الابعاد عن الرحمة وحيث كان من جهة الله

<<  <  ج: ص:  >  >>