اى جنس المستكبرين سواء كانوا مشركين او مؤمنين. والاستكبار رفع النفس فوق قدرها وجحود الحق والفرق بين المتكبر والمستكبر ان التكبر عام لاظهار الكبر الحق كما فى أوصاف الحق تعالى فانه جاء فى أسمائه الحسنى الجبار المتكبر وفى قوله عليه السلام (التكبر على المتكبر صدقة) ولاظهار الكبر الباطل كما فى قوله تعالى سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ والاستكبار اظهار الكبر باطلا كما فى قوله تعالى فى حق إبليس اسْتَكْبَرَ ومنه ما فى هذا المقام وفى العوارف الكبر ظن الإنسان انه اكبر من غيره والتكبر إظهاره ذلك وفى الحديث (لا يدخل الجنة من فى قلبه مثقال ذرة من كبر ولا يدخل النار من فى قلبه مثقال ذرة من ايمان) قال الخطابي فيه تأويلان أحدهما ان المراد كبر الكفر ألا ترى انه قابله فى نقيضه بالايمان والآخر انه تعالى إذا أراد ان يدخله الجنة نزع ما فى قلبه من الكبر حتى يدخلها بلا كبر قال فى فتح القريب هذان التأويلان فيهما بعد فان الحديث ورد فى سياق النهى عن الكبر المعروف وهو الارتفاع على الناس واحقارهم ودفع الحق وقيل لا يدخلها دون مجازاة ان جازاه وقيل لا يدخلها مع المتقين أول وهلة وعن ابى هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (قال الله تعالى يا بنى آدم خلقتكم من التراب ومصيركم الى التراب فلا تتكبروا على عبادى فى حسب ولا مال فتكونوا علىّ أهون من الذر وانما تجزون يوم القيامة بأعمالكم لا بأحسابكم وان المتكبرين فى الدنيا اجعلهم يوم القيامة مثل الذر يطأهم الناس كما كانت البهائم تطأه فى الدنيا) - وحكى- انه افتخر رجلان عند موسى عليه السلام بالنسب والحسب فقال أحدهما انا فلان ابن فلان حتى عدّ تسعة فاوحى الله تعالى اليه قل له هم فى النار وأنت عاشرهم وانشد بعضهم ولا تمش فوق الأرض الا تواضعا فكم تحتها قوم همو منك ارفع فان كنت فى عز وحرز ورفعة فكم مات من قوم همو منك امنع قعليك بالتواضع وعدم الفخر على أحد فان التواضع باب من أبواب الجنة والفخر باب من أبواب النار واللازم فتح أبواب الجنان وسد أبواب النيران وتحصيل الفقر المعنوي الذي ليس الفخر فى الحقيقة إلا به فانه لا يليق المرء بدولة المعنى ورياسة الحال وسلطنة المقام الا بتحلية ذاته بحلية التواضع وزينة الفناء: قال الحافظ
تاج شاهى طلبى گوهر ذاتى بنماى ... ور خود از گوهر جمشيد وفريدون باشى
اللهم اجعلنا من اهل التواضع لا من ارباب التملق واجعلنا من اصحاب التحقق بعد التخلق وَإِذا قِيلَ لَهُمْ عن السعدي اجتمعت قريش فقالوا ان محمدا رجل حلو اللسان إذا كلم رجلا ذهب بقلبه فانظروا أناسا من اشرافكم فابعثوهم فى كل طريق مكة على رأس ليلة او ليلتين فمن جاء يريده ردوه عنه فخرج ناس منهم من كل طريق فكان إذا جاء وافد من القوم ينظر ما يقول محمد فنزل بهم قالوا له هو رجل كذاب ما يتبعه الا السفهاء والعبيد ومن لا خير فيه واما أشياخ قومه واخيارهم فهم مفارقوه فيرجعه أحدهم وإذا كان الوافد ممن هداه الله يقول بئس الوافد انا لقومى ان كنت جئت حتى إذا بلغت مسيرة يوم رجعت قبل ان القى هذا الرجل فانظر ما يقول فيدخل مكة فيلقى المؤمنين فيسألهم ما يقول لهم فيقولون خيرا فذلك